4 - قال الشيخ: أكثرْتُ في الآونةِ الأخيرةِ من كتابةِ المقدِّماتِ لطلبةِ العلمِ، أكْثرت، وليسَ للعالم أن يبْتَذِلَ قَلَمَهُ هكَذَا، لا بُدَّ للعالمِ من أن يصُونَ قَلَمَهُ، لا بُدَّ للعالمِ من أن يصُونَ قَلَمَهُ .. فقلتُ له: إنَّ العقَّادَ قلَّما قدَّم كتاباً، لكنهُ إن قدَّم لكتابٍ فإنهُ لا يذكرُ صاحبَ الكتابِ بكلمةٍ في الغالب، وإنَّما يَتَكَلًّمُ على موضوعِ الكتابِ ويُطِيِلُ ويَسْتَدْركْ، لذا ربَّما كانتْ مقدِّمَتُهُ أعْلى من قيمةِ الكتاب فأضرَّتْ بمؤلِّفهِ، فقال الشيخ: والله جيِّد.
5 - قال الشيخ: يؤلمني ويعْصرُ قلبي حين أرى بعضَ كتَّابنا-وأشدُّ ما يؤذيني حين أسمعُ خطيباً على المنبر-يكثرُ من الاستشهاد بأقوال الغربيين في مدحِ الرسول صلى الله عليه وسلم أو الثناء على الإسلام، بلغْنا من الهوان أن احْتاج دينُ الله إلى أقوال هؤلاء ثُنيَ بها عليه. نعم، تُذكر مثل هذه الأقوال لكن في أضيق الحدود.
6 - قال الشيخ: زرتُ مع بعض الرِّفاق-أظنُّه قال وقت الشباب-أحدَ علماءِ الشناقطة في المدينة، فلمَّا دخلنا عليه وجدناهُ مضطجعاً وقد جعلَ وجههُ تجاه الجدار، وكنَّا نسألهُ ويُجيبُنا وهو على هذه الحالة! قال: فلمَّا طال بنا المجلس التفت إلينا وقال لي: أسئلتك هذه أسئلةُ رجلٍ من أهل العلم.
7 - قال الشيخ: هل ضاق دينُ الله حتى لا يبدأَ المسلمُ الطوافَ إلا بوجود هذا الخط ..
8 - قال الشيخ: كان يكتبُ في الأعداد الأولى من مجلة مجمع اللغةِ العربيةِ بمصر فُحول الكتَّاب، انتفعتُ بكتاباتهمْ كثيراً، لا يوجدُ مثلهم في مجلاتِ المَجَامعِ الأخرى، ولا في هذه المجلةِ نفسها بعد ذلك.
9 - قال الشيخ: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-هي أعظمُ عملٍ علمي تُفاخرُ به بلادنا.
10 - قال الشيخ: قرأتُ في كتاب"بلوغ الأَرَب"لمحمود شكري الألوسي كلاماً يقعُ في صفحةٍ كاملة اسْتكثرْتُهُ على متأخر .. فتبيَّنَ لي بعدَ ذلك أنَّهُ ينقلُ بتمامهِ من مقدمةِ ابن خلدون دون أن يُشير إلى ذلك.
قلت: أفادَ الألوسيُّ في أحد كُتُبهِ من كتاب لأحمد فارس الشدياق كثيراً، لكنهُ لم يُشرْ إلى ذلك.
11 - قال الشيخ: لما زرتُ الأردن سألني طلبةُ العلمِ هناك عن الشيخ الألباني، فقلتُ لهم: هو صاحب فن، فسرَّهم جوابي، فقالوا: والشيخ محمد الأمين الشنقيطي؟ قال: فقلت لهم: هو صاحبُ فنون!
12 - قال لي الشيخ في ليلةٍ من الليالي: لو رأيتني البارحة في هذا المجلس وأشار –رحمه الله-إلى مجلسٍ مُجاور .. قال: لو رأيتني وأنا أقرأُ سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقد غَلَبَني البُكاء لشدَّة ما أثَّرتْ فيَّ حياة هذا الشيخ .. ثم قال: هذه هي الحياة، أين نحن منهم؟
13 - قلتُ للشيخ: قرأتُ في أحد الكتبِ التي ألِّفتْ عن الشاعر أحمد شوقي، أنه كان يسْتغربُ من قلَّةِ ذكر شعراء العرب للنخلة في شعرهم .. فقال الشيخ: العرب كانت ترى أن من العيب غرس النخل وتربية البقر، ولا زالَ هذا في الأعراب إلى يومنا هذا، قال: وقد سمعتُ من شيخنا محمد الأمين الشنقيطي-رحمه الله-بيتاً من الشعر ينشدهُ لأحد الشعراء يمدحُ فيه قوماً يقولُ فيه:
لا يغرسونَ فسيلَ النخلِ حولهم ***** ولاتُخاوِرُ في مشتاهم البقر
قلت: هذا البيت في جملةِ أبيات للعباس بن مرداس السُّلمي يمدحُ بها قومه، سمعتُ الشيخَ الشنقيطي ينشدُها في أحد الأشرطة المسجَّلة من مجالسه في التفسير.
14 - قال الشيخ: لما ألفتُ كتابي"طبقات النسَّابين"انتشرَ في العراق انتشاراً عجيباً لم ينتشرْ مثلُهُ في بلدٍ آخر.
15 - قلتُ للشيخ: إن الحافظ السيوطيّ ثارَ به صوفيةُ الخانقاه التي كان يتولَّى نَظَارَتها لأنهُ قال: إنكم لستمْ على شرط الواقف، فثاروا به وحَمَلوه وألْقوه في فسقية الماء هكذا بجبَّته وعمامته .. ذكرَ ذلك تلميذه ابن إياس في "بدائع الزهور"وأنهُ خرجَ من الماء وأصلحَ ثيابهُ ثم توجَّه إلى روضة المقياس فسَكَنَ هناك، وأغلق النافذةَ التي تجاه النيل، وألَّف كتابه"تأخيرُ الظُّلامة إلى يوم القيامة"، وانقطعَ بعدها هناك إلى التأليف حتى وفاته .. قال الشيخ ما معناه: ليْتني أستطيعُ أن انْقطعُ إلى العلم لا يشْغَلُني عنه شيء.
16 - قال الشيخ: المغاربةُ لهم أنظارٌ ومداركُ في العلم ليستْ عندنا نحنُ المشارقة.
¥