أبو معبد مَوْلَى ابن عَبَّاس، اسمه: نافذ، وَهُوَ ثقة، وثقةٌ أحمد ويحيى وابو زُرْعَة: واتفق الشيخان عَلَى تخريج حديثه.
ولكن فِي رِوَايَة مُسْلِم فِي هَذَا الحَدِيْث من طريق ابن عُيَيْنَة، عَن عَمْرِو، أن أبا معبد حدثه بذلك، ثُمَّ أنكره بعد، وَقَالَ: لَمْ أحدثك بهذا.
ورواه الامام أحمد، عَن سُفْيَان، عَن عَمْرِو، بِهِ، وزاد: قَالَ عَمْرِو قُلتُ لَهُ: إن النَّاس إِذَا سلم الامام من صلاة المكتوبة كبروا ثلاث تكبيرات [وهاكذا هنا] ثلاث تهليلات [. . . .].
وَقَالَ حَنْبل: سَمِعْت أَبَا عَبْد الله يَقُول: ثنا عَلِيّ بْن ثابت: ثنا واصل، وَقَالَ: رأيت عَلِيّ بْن عَبْد الله بْن عَبَّاس إِذَا صلى كبر ثلاث تكبيرات. قُلتُ لأحمد: بعد
الصلاة؟ قَالَ: هكذا. قُلتُ لَهُ: حَدِيْث عَمْرِو، عَن أَبِي معبد، عَن ابن عَبَّاس:
((كنا نعرف انقضاء صلاة رَسُولاللله صلى الله عليه وسلم بالتكبير))، هؤلاء أخذوه عَن هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ -: ذكره أبو بَكْر عَبْد العزيز بن جَعْفَر فِي كتابه ((الشَّافِي)).
فَقَدْ تبين بهذا أن معنى التكبير الذي كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم عقب الصلاة المكتوبه هو ثلاث تكبيرات متواليه.
ويشهد لذلك: مَا رَوَى عَن مِسْعَر، عَن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن، عن طيلسة، عَن ابن عُمَر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلمش: ((من قَالَ فِي دبر الصلوات، وإذا أخذ مضجعه: الله أكبر كبيراً، عدد ا لشفع والوتر، وكلمات الله الطيبات المباركات
- ثلاثاً -، ولا إله إلا الله - مثل ذَلِكَ - كن لَهُ فِي القبر نوراً، وعلى الحشر نوراً، وعلى الصراط نوراً، حَتَّى يدخل الجنة)).
وخرجه أيضا بلفظ آخر، وَهُوَ: ((سبحان الله عدد الشفع والوتر وكلمات ربي الطيبات التامات المباركات - ثلاثاً - والحمد لله، والله أكبر، ولا إله إلا الله)).
وذكر الإسماعيلي: أن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن، هُوَ: مَوْلَى آل طلحة، وَهُوَ ثقة مشهور، وخرج لَهُ مُسْلِم.
وطيلسة، وثقة ابن معين، هُوَ: ابن عَلِيّ اليمامي، ويقال: ابن مياس، وجعلها ابن حبان اثنين، وذكرهما فِي ((ثقاته))، وذكر أنهما يرويان عَن ابن عُمَر.
وخرجه ابن أَبِي شيبة - فِي ((كتابه)) عَن يزيد بن هارون، عَن مِسْعَر بهذا الاسناد عَلَى ابن عُمَر.
وأنكر عبيدة السلماني عَلَى مصعب بْن الزُّبَيْر تكبيره عقب السلام وَقَالَ:
قاتله الله، نعار بالبدع، واتباع السنة أولى.
وروى ابن سعد فِي ((طبقاته)) بإسناد عَن عُمَر بْن عَبْد العزيز، أنه كَانَ يكبر: الله اكبر ولله الحمد - ثلاثاً - دبر كل صلاة.
وقد دل حَدِيْث ابن عَبَّاس عَلَى رفع الصوت بالتكبير عقب الصلاة المفروضة، وقد ذهب إلى ظاهره بعض أهل الظاهر، وحكي ?عَن أكثر العلماء خلاف ذَلِكَ، وأن الأفضل الإسرار بالذكر؛ لعموم قوله تعالى:?وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً [ا لأعراف: 205]، وقوله تعالى، ? ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ? [ا لأعراف: 55] ولقو ل النبي صلى الله عليه وسلم لمن جهر بالذكر من أصحابه: ((إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً)).
وحمل الشَّافِعِيّ حَدِيْث ابن عَبَّاس هَذَا عَلَى أَنَّهُ جهر بهِ وقتاً يسيراً حَتَّى يعلمهم صفة الذكر؛ لا أنهم جهروا دائماً. قَالَ: فأختار للامام والمأموم أن يذكروا الله بعد الفراغ من الصلاة، ويخفيان ذَلِكَ، إلا يكون إماماً يريد أن يتعلم مِنْهُ، فيجهر حَتَّى
يعلم، أَنَّهُ قَدْ تعلم مِنْهُ، ثُمَّ يسر.
وكذلك ذكر أصحابه.
وذكر بعض أصحابنا مثل ذَلِكَ - أَيْضاً.
ولهم وجه آخر: أَنَّهُ يكره الجهر مطلقاً.
وَقَالَ القاضي أبو يعلى فِي ((الجامع الكبير)): ظاهر كلام أحمد: أَنَّهُ يسن للامام الجهر بالذكر والدعاء عقب الصلوات (2.3 - ب /ك 2) بحيث يسمع المأموم، ولا يزيد عَلَى ذلك.
وذكر عَن أحمد نصوصاً تدلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يجهر ببعض الذكر، ويسر الدعاء.
وهذا هُوَ الأظهر، وانه لا يختص ذَلِكَ بالإمام؛ فإن حَدِيْث ابن عَبَّاس هَذَا ظاهره يدل عَلَى جهر المأمومين - أيضاً
ويدل عليه ايضا -: مَا خرجه مُسْلِم فِي ((صحيحه)) من حَدِيْث ابن
¥