تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل يجوز اتباع غير المذاهب الأربعة المعروفة؟ أرجو التوجيه.]

ـ[الباحث عن الحق]ــــــــ[06 - 02 - 03, 05:27 م]ـ

ذكر ابنُ رجب رحمه الله في كتابه (الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة) أن

الأمة أجمعت على أن المذاهب التي استقر العمل بها

هي المذاهب الأربعة المشهورة

وقد تكلم في بداية هذه الرسالة عن جمع المصحف واستقرار الصحابة على واحد منه

وحرق ما عداه

وهكذا فإن الأمة أجمعت على العمل بهذه المذاهب وترك ما عداها من المذاهب التي

اندثرت كمذهب الأوزاعي وابن جرير والثوري

لأن هذه المذاهب قد عمل على حفظها أتباع هؤلاء الأئمة فأصلوا لها وقعدوا

وكذلك ذكر بعض الأصوليون أنه لا يجوز الخروج عن هذه المذاهب وأن من خرج عنها

فإنه مرتكب لمعصية تستحق التعزير

فهل أجمع المسلمون على هذا فعلا؟

وهل لو اتبعتُ أنا قولا لعالم من العلماء (أهل الحديث والأثر) سواء ممن

سبق أصحاب هذه المذاهب أو ممن أتى بعدهم أكون عاصيا آثما بفعلي ذلك؟

وهل لا بد أن أبحث لكل قول أعلمه (هل قال به أحد الأئمة الأربعة أم لا)؟

فإذا لم يقولوا به تركتُه؟

هل هذا واجبٌ علي؟

أرجو التوجيه ونقل كلام العلماء - إن وجد - في هذه المسألة

وجزاكم الله خيرا

ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[06 - 02 - 03, 06:47 م]ـ

أخي الكريم الباحث عن الحق _ وفقه الله _

لا بد من التفريق بين مسألتين لاحظت أنك لم تفرق بينهما، وهما مسألة ترجيح قول مخالف لأقوال الأئمة الأربعة في مسألة أو مسائل، وبين الانتساب الإجمالي إلى مذهب إمام من الأئمة المجتهدين الذين اندثرت مذاهبهم.

فأما المسألة الأولى وهي ترجيح العالم أو طالب العلم القادر على النظر في أدلة العلماء قولا مخالفا لأقوال الأئمة الأربعة في مسألة أو مسائل اتباعا للدليل فهذا هو الواجب على من ترجح عنده ما يخالف قول الأئمة الأربعة مادام لم يخالف الإجماع، والذي نص الأئمة على حجيته هو الإجماع، وأما قول الأربعة فليس إجماعا وليس حجة، وإن كان الغالب أن القول الصواب لا يخرج عن أقوالهم إلا في مسائل قليلة يمكن إحصاؤها، ولهذا فإنك تجد كبار العلماء لا يتحرجون من مخالفة الأئمة الأربعة اتباعا للدليل، فهذه بعض الأمثلة التي تحضرني وتحتاج إلى مزيد تثبت _ وليس القصد مناقشة هذه المسائل وإنما التمثيل بها فحسب _، فمنها أن أبا البركات ابن تيمية رجح أن الكافر ينجس بالموت خلافا للأربعة، ووافقه شيخ الإسلام، ورجح النووي أن من انتهت مدة مسحه لم ينتقض وضوؤه بانقضاء المدة حتى يحدث ولم يقل بهذا أحد من الأئمة الأربعة فإن مالكا لا توقيت عنده ومن وقت قال ينتقض الوضوء بانقضاء المدة، وأما شيخ الإسلام فقد خالف الأئمة الأربعة في مسائل مشهورة منها قوله طلاق الثلاث في أثناء عدة الأول لايقع، وطلاق الحائض لا يقع، ومن نزع خفه لم ينتقض وضوؤه، وعدم اشتراط أن يكون الخف ساترا لمحل الفرض، وجواز المسح على العمامة المقعطة،وغير ذلك، وقد تابع شيخ الإسلام على ترجيحاته خلق كثير، ومن تتبع ترجيحات الأئمة الأعلام في عصرنا كابن باز وابن عثيمين والألباني وجد أنهم لا يتقيدون بكون القول الراجح عندهم لايخرج عن المذاهب الأربعة، وهو الصواب.

وأما المسألة الثانية وهي انتساب الإنسان إلى مذهب غير الأربعة فينبغي أن يفرق فيه أيضا بين مذهب الظاهرية ومذهب غيرهم كالأوزاعي والليث والثوري وإسحاق، وذلك أن المذهب الظاهري خدمه ابن حزم وجمعه في المحلى وجمع أصوله في الإحكام،فمن أراد أن ينتسب إليه وجده مدونا وفي كل مسألة من المسائل يجد قولا لأئمة المذهب ولذا اختاره بعض الأعلام، ومنهم من المعاصرين بديع الدين السندي وأبو تراب الظاهري وأبو عبد الرحمن ابن عقيل، وأما مذاهب الأوزاعي والليث والثوري وإسحاق وأمثالهم من الأئمة المجتهدين فلم تخدم ولذا فيصعب من الناحية العملية أن ينتسب إليها الإنسان إذ أين يجد أقوال متبوعه في كل مسألة في الأصول والفروع الفقهية؟ وأين يجد من يتفقه عليه ويدرس عليه كتابا من كتب مذهبه؟

لكن _ في رأيي _ أنه لو سمت همة إمام في عصرنا إلى أن يحيي مذهبا من المذاهب الدارسة ويجمع أقوال إمامه في الأصول والفروع، ويخرّج عليها أقواله فيما لا يجد فيه للإمام قولا، ويصنف فيه كتبا مختصرة ووسيطة ومبسوطة، ويكون له تلاميذ نجباء يأخذون عنه، فإنه يمكن أن يحيي مذهبا دارسا كما أحيا ابن حزم مذهب داود

خاصة وأن العصبية المقيتة للمذاهب الأربعة قد خفت حدتها جدا في هذا العصر فلم يعد أصحاب كل مذهب لا يصلون خلف من ليس على مذهبهم كما كان الحال في الحرم والمسجد الأموي والأزهر يصلون أربع جماعات، ولم يعد من رجح قولا مخالفا للأربعة يسجن ويبدع كما حصل لشيخ الإسلام، وأظن أن هذه العصبيات هي التي جعلت الأئمة يمنعون التمذهب لغير الأربعة درءا للفتنة، واختيارا لأقل المفسدتين، هذا ما عندي، والمسألة حرية بمزيد بحث وتفصيل، نطمع فيه من مشايخنا الكرام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير