7. لم يُعط النبي صلى الله عليه وسلم الدواء إلا بعد أن تشاور نساؤه رضي الله عنهن في ذلك الإعطاء.
8. لا ننكر أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم مات بأثر السم! لكن أي سم هذا؟ إنه السم الذي وضعته اليهودية للنبي صلى الله عليه وسلم في طعام دعته لأكله عندها، وقد لفظ صلى الله عليه وسلم اللقمة؛ لإخبار الله تعالى بوجود السم في الطعام، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم في آخر أيامه أنه يجد أثر تلك اللقمة على بدنه، ومن هنا قال من قال من سلف هذه الأمة إن الله تعالى جمع له بين النبوة والشهادة.
والعجيب أن بعض الرافضة يُنكرون هذه الرواية، ويبرؤون اليهود من تلك الفعلة الدنيئة، مع تواتر الرواية، وصحة أسانيدها، ومع إخبار الله تعالى أن اليهود يقتلون النبيين، ومع ذلك برأتهم الرافضة! وغير خاف على مطلع سبب ذلك الدفاع عن اليهود من قبَل الرافضة، وما ذاك إلا لأن مؤسس هذا المذهب هو " عبد الله بن سبأ " اليهودي! فصار من الطبيعي أن يُبرَّأ اليهود مع صحة الرواية، وتلصق التهمة بأجلاء الصحابة مع عدم وجود مستند صحيح، ولا ضعيف!.
9. من الواضح في الرواية أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم لم يفهمن من نهي النبي صلى الله عليه وسلم بعدم لدِّه أنه نهي شرعي، بل فهموا أنه من كراهية المريض للدواء، وفهمهم هذا ليس بمستنكر في الظاهر، وقد صرَّحوا بهذا، وإن لم يكن لهم عذر عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأصل هو الاستجابة لأمره صلى الله عليه وسلم، قد أخطؤوا في تشخيص دائه صلى الله عليه وسلم، لذا فقد ناولوه دواء لا يناسب علته.
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:
وإنما أنكر التداوى لأنه كان غير ملائم لدائه؛ لأنهم ظنوا أن به " ذات الجنب "، فداووه بما يلائمها، ولم يكن به ذلك، كما هو ظاهر في سياق الخبر، كما ترى.
" فتح الباري " (8/ 147، 148).
10. وهل اقتص منهم صلى الله عليه وسلم، أم أراد تأديبهم؟ الظاهر أن ما فعله صلى الله عليه وسلم من إلزامهم بتناول ذلك اللدود أنه من باب التأديب، ومما يدل على أنه ليس من باب القصاص: أنه لم يلزمهم بالكمية نفسها التي وضعوها له.
قال أبو جعفر الطحاوي – رحمه الله -
فإن قال قائل: فهل كان ما أمر أن يُفعل قصاصاً ممن أمر أن يفعل ذلك به مما فعلوه به؟ قيل له: قد يحتمل أن يكون ذلك كان منه على العقوبة، والتأديب , حتى لا يَعُدن إلى مثله , ومما يدل على أن ذلك ليس على القصاص: أنه لم يَأمر أن يُلدُّوا بمقدار ما لَدُّوه به من الدواء؛ لأنه لو كان قصاصاً: لأمر أن يُلدوا بمقدار ما لَدوه به، لا بأكثر منه.
" شرح مشكل الآثار " (5/ 198).
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:
والذي يظهر أنه أراد بذلك تأديبهم؛ لئلا يعودوا، فكان ذلك تأديباً، لا قصاصاً، ولا انتقاماً.
" فتح الباري " (8/ 147).
11. الاشتباه بنوع مرضه صلى الله عليه وسلم: محتمل؛ لأن كلاًّ منهما – أي: ما كان فيه صلى الله عليه وسلم من مرض، وما ظنوه – له الاسم نفسه، فكلاهما يُطلق عليه " ذات الجنب "، وكلاهما له مكان الألم نفسه، وهو " الجنب ".
قال ابن القيم – رحمه الله -:
وذاتُ الجنب عند الأطباء نوعان: حقيقي، وغيرُ حقيقي، فالحقيقي: ورمٌ حار يَعْرِضُ في نواحي الجَنب، في الغشاء المستبطن للأضلاع، وغير الحقيقي: ألم يُشبهه يَعْرِضُ في نواحي الجنبِ، عن رياح غليظة، مؤذيةٍ، تحتقِن بين الصِّفاقات – وهي الأغشية التي تغلف أعضاء البطن -، فتُحْدِث وجعاً قريباً من وجع ذات الجنب الحقيقي، إلا أن الوجعَ فى هذا القسم ممدودٌ، وفي الحقيقي ناخسٌ.
وقال:
والعلاج الموجود في الحديث: ليس هو لهذا القسم، لكن للقسم الثاني الكائن عن الريح الغليظة، فإنَّ القُسْطَ البحري - وهو العود الهندى على ما جاء مفسَّراً فى أحاديث أُخَر - صِنفٌ من القُسْط، إذا دُقَّ دقاً ناعماً، وخُلِط بالزيت المسخن، ودُلِكَ به مكانُ الريح المذكور، أو لُعِق: كان دواءً موافقاً لذلك، نافعاً له، محلِّلاً لمادته، مُذْهِباً لها، مقويّاً للأعضاء الباطنة، مفتِّحاً للسُّدد، والعودُ المذكور فى منافعه كذلك.
" زاد المعاد في هدي خير العباد " (4/ 81، 82).
فهنَّ رضي الله عنهن اعتقدن أن مرضه صلى الله عليه وسلم هو الأول الحقيقي، وهو الذي استبعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبتليه الله به، وقد ناولوه دواء المرض الآخر، وكان الدواء هو " القُسط الهندي " وقد دقوه وخلطوه بزيت – كما في رواية الطبراني -، وهو مفيد لمن تناوله حتى لو لم يكن به مرض، لذا فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم كل من شارك في إعطائه له، ومن رضي به: أمر أن يلد به! ولو كان فيه ضرر لم يكن ليأمر بذلك صلى الله عليه وسلم.
12. ليس في الروايتين – ولا في غيرها – ذِكرٌ لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وإنما الذي تشاور في الأمر هم نساؤه رضي الله عنهن، ولا فيهما أن عائشة وحفصة استشارتا أبويهما في ذلك التصرف.
وبما سبق يتبين – بفضل الله وتوفيقه – عدم ثبوت أيٍّ من مزاعم ذلك الرافضي، ومثله ما زعمه من سمِّي " نجاح الطائي " في كتابه الهالك " هل اغتيل النبي محمَّد ".
ولقد تبين لنا، كلما رددنا على الرافضة شبهة من شبهاتهم، ضحالة تفكيرهم، وسوء معتقدهم، كما تبين لنا قوة أهل السنَّة في حجتهم، وصحة أدلتهم، واستدلالاتهم، وهي نعمة عظيمة منَّ الله بها أن أخرجنا من الظلمات إلى النور، وأن رزقنا منهجاً سليماً، وطريقاً مستقيماً، وأبان لنا المحجة، وأنار لنا الدرب، فلا يزيغ عن الطريق بعد ذلك إلا هالك.
والله أعلم
http://www.islam-qa.com/ar/ref/131386
¥