تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[العدل ..... والفضل]

ـ[فاروق الليبي]ــــــــ[19 - 07 - 09, 04:25 م]ـ

العدل والفضل

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلّا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وقيّوم السموات والأرضين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

وبعد:

.

والفضل: هو الإحسان، أو الزيادة على الواجب، أي تجاوز العدل إلى ما هو أفضل.

وللعدل آفاق واسعة في الحياة الإنسانية، فهو ميزانها الحساس في كل جانب من جوانبها، فإن اختل هذا الميزان، أو جرى التلاعب في كفتيه، فإن أثر ذلك سيظهر سريعاً في مجرى هذه الحياة.

وللفضل آثاره الطيبة في رأب الصدع ولحم الجراح وغسل الأسى المتبقي في النفوس على الرغم من تحقيق العدل بين الطرفين، لأنه الدليل على التسامح والتسامي إلى مكارم الأخلاق.

وقد حرم الله سبحانه الظلم وأوجب العدل وندب إلى الفضل وكافأ عليه، لأن إيجاب العدل في إقرار للمساواة بين الطرفين، أو ردٌ للمظالم والحقوق .. وليس فيه فضل من أحد على آخر، لأنه ملزم للطرفين، فإن أخلاّ به، فعلى من له الأمر واجب تحقيق العدالة بينهما، فإن حصل تفريط، أو حال دون تطبيق العدالة حائل، فإن الله سبحانه وتعالى سيتولى ذلك عندما يضع الموازين القسط للناس.

والفضل لا يكون إلا بعد استواء الطرفين بالحقوق، وتمكنهما من ذلك، فيتجاوز أحدهما هذا المستوى بالعفو أو بالإيثار أو التسامح بعد العفو عمن أساء، أو قصرت به إمكاناته ..

فالشريعة الإسلامية أمرت بتطبيق العدل وحذرت من عواقب التفريط فيه، وندبت إلى الأخذ بالفضل، وحضّت عليه وأثابت من يحققه في تعامله ثواباً كبيراً.

يقول المولى تبارك وتعالى: [وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَآءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قًّرِيناً وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ وَكَانَ اللهُ بِهِم عَلِيماً] {النساء:36 - 39}.

يقول البقاعي رحمه الله في تفسيره {ولمّا كثرت في هذه السورة الوصايا من أولها إلى هنا بنتيجة التقوى: العدل والفضل، والترغيب في نواله، والترهيب من نكاله - إلى أن ختم ذلك بإرشاد الزوجين إلى المعاملة بالحسنى، وختم الآية بما هو في الذروة من حسن الختام من صفتي العلم والخبر، وكان ذلك في معنى ما ختم به الآية الآمرة بالتقوى من الوصف بالرقيب، اقتضى ذلك تكرير التذكير بالتقوى التي افتتحت السورة بالأمر بها، فكان التقدير حتماً: فاتقوه؛ عطف عليه، أو على نحو [وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ] {النساء، الآية:32}. أو على [اتَّقُوا اللهَ] الخُلق المقصود من الخلق المبثوثين على تلك الصفة، وهو العبادة الخالصة التي هي الإحسان في معاملة الخالق، وأتبعها الإحسان في معاملة الخلائق فقال: [وَاعْبُدُواْ اللهَ] أي أطيعوا - الذي له الكمال كله فلا يشبهه شيء - طاعة محضة من غير شائب خلاف مع الذل والانكسار، لأن ملاك ذلك كله التعبد بامتثال الأوامر واجتناب الزواجر}. ()

ويقول الحق تبارك وتعالى: [إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ] {النحل، الآية:90}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير