[عمالة عباس العقاد للفكر الغربي]
ـ[محمد جلال القصاص]ــــــــ[26 - 06 - 09, 11:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
[عمالة عباس العقاد للفكر الغربي]
بدأت كتابات العقاد (الإسلامية) في منتصف الأربعينات من القرن الماضي، بعد أن قارب عباس العقاد الستين من عمره، وقبل ذلك لم يكتب عباس العقاد شيئاً عن الإسلام، كان العقاد يشاكس أحمد شوقي، هو والفتيان الصغيران عبد القادر المازني وعبد الرحمن شكري، وحمل العقاد ورفاقه بضاعة الغرب الأدبية إلى بلاد الشرق؛ ثم غرق ربع قرنٍ من الزمن في ظلمات السياسة، بدأها بالسير خلف سعد زغلول ثم البرلمان فالسجن لتسعةِ أشهر بعد أن أخذته الحماسة وسبقه لسانه بجملة (شجاعة) يشير فيها إلى الملك، فتحرش به جند الملك حتى أوقعوه وحبسوه تسعة أشهر (1)، ثم خرج من السجن واشتبك مع رفقاء الدرب ممن بدلوا وغيروا في تعاليم سعد زغلول، وانتهى الأمر بالخروج عليهم والاشتراك مع من أسس حزب السعديين (نسبة لسعد زغلول)، وانقضى أكثر من خمسين عاماً من حياة العقاد في هذا الهراء، انتهت بهزيمة ساحقة للعقاد جعلته يفكر في الانتحار (2). ثم تحول عباس العقاد بعد هذه الهزيمة السياسية، وبعد رحلة التخبط الطويلة هذه إلى الكتابة في الإسلاميات!!
كانت الكتابة في الإسلاميات بالنسبة للعقاد نوع من الترويح، وخروج من ساحة لم يعد يجد فيها إلا الموت بيده أو بيد غيره.!!
سوقي مدفوع
كانت الصحوة الإسلامية قد انتشرت، وكان الصدام مع المجرمين المتطاولين على حمى الدين أوجد رموزاً ورفع أسماءً. وكانت القضايا الإسلامية هي الرائجة يومها، فكتبت أقلامٌ للسوق، لينتشر اسمها ويرتفع قدرها، ولا أستبعد أن العقاد كان يكتب للسوق، أو توجه لما هو رائج، فكاً للخناق السياسي الذي طوق عنقه حتى كاد يقتله، وركوباً للموجة الهادرة.
قد جاءت كتابته عن الإسلام في إطار موجة من الكتابة عن الإسلام بعد انتشار الحركة الإسلامية (الصحوة وهي الإخوان يومها) في مصر، وتعاطف الجماهير معها إبان الجهاد مع اليهود وضيق الصدر بالاحتلال، ومع وجود الغزو الفكري من قبل المستشرقين وأذنابهم من المبتعثين لبلادهم.ومع دخول الإسلاميين في السياسة. فقد كانت الحياة كلها (إسلامية) توافق او تعارض. أو قل كان الحديث عن الإسلام في كل مكان .. ومن كل التوجهات.
فرضية أن العقاد كتب للسوق يدعمها أن الرجل قبل أن يبدأ في سلسلة العبقريات كان مهزوماً في مواجهاته مع المنشقين على سعد زغلول، حتى أنه حاول الانتحار. وطبعي أن يخرج من هذه الساحة إلى غيرها. ونلاحظ أن العقاد لم يترك السياسة دفعة واحدة.
وفرضية أن العقاد كان يكتب للسوق يدعمها كتابه عن (بنيامين فرنكلين)، مؤسس أمريكا، فما جاء بجديد، بل حين تقرأ الكتاب تشعر وكأن العقاد لا يجد ما يقول، ينقل صفحات من مذكرات الرجل التي كتبها بخط يده، ويكرر كلمات قيلت هنا وكلمات قيلت هناك، تشعر وكأن العقاد في مخاض .. بصعوبة يجد ما يكتب، كالتي تلد ميتاً .. يؤلمها وبالكاد يخرج منها .. يقول فيه ما يقوله في غيره: سياسي منفرد، وعالم قد علم، وفيلسوف متكلم، وأديب قد كتب، ومفاوض قد أخذ من خصمه بحنكته، ورحيم بالعبيد، ومؤدب للأغنياء.
ما هو إلا أن الأمريكان أرادوا تسويق بضاعتهم فبحثوا عن قلم مشهور، فكان العقاد، استكتبوه، وقدموا للكتاب وقاموا بطباعته، ومن ثم نشره.
وفرضية أن العقاد كان يكتب للسوق يدعمها أنه كان يكتب في المناسبات، كتب عن غاندي، وعن بنيامين فرانكلين، وزعيم الصين صن يات سن. وأستبعد أن يكون الهنود قد استكتبوه، ولكنه ركب الحدث واستطعم الكتابة عن المشهورين، أو كتب عنهم بدافع الإعجاب بالعباقرة.
ولم تكن هذه الموجة التي ركبها العقاد مدفوعة بالجماهير فقط .. بمعنى أن من يكتب يكتبُ لينتشر اسمه وتربح كتبه، وإنما كانت مدفوعة حقيقة بالمستشرقين!!
علاقة عباس العقاد بالاستشراق
عكف المستشرقون على قراءة أحكام الشريعة، والسيرة النبوية، والتاريخ الإسلامي وما كُتِبَ في القرون الأولى. وخرجوا بقراءة جديدة للشريعة الإسلامية.
¥