تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل يمكن إلغاء فريضة الحج والعمرة بسبب انتشار مرض "انفلونزا الخنازير"؟]

ـ[همام النجدي]ــــــــ[17 - 07 - 09, 02:04 ص]ـ

السؤال: هل يمكن إلغاء فريضة الحج والعمرة بسبب انتشار مرض " انفلونزا الخنازير "؟ وهل يعتبر ذلك طاعوناً؟ وهل مكة والمدينة في مأمن من الأوبئة بحفظ الله أو يمكن انتقال العدوى في هذه الأماكن؟ وهل قوله تعالى: (ومن دخله كان آمناً) يشمل أيضا الأوبئة، أي: يكون آمناً من الأوبئة؟. أفيدونا مأجورين؛ لأني مقدم على العمرة خلال شهر.

الجواب: الحمد لله

أولاً:

لا ريب أن الأمراض والأوبئة الفتاكة التي من طبيعتها الانتشار بالعدوى: تقاس على مرض الطاعون، من حيث أحكامه المتعلقة بما يسمَّى " الحجر الصحي ".

فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشَّأْمِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ عُمَرُ: ادْعُ لِي الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ ... .

فجاء عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه، وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي فِي هَذَا عِلْماً، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَاراً مِنْهُ) رواه البخاري (5397) ومسلم (2219).

قال النووي رحمه الله:

وأما الطاعون: فهو قروح تخرج في الجسد، فتكون في المرافق، أو الآباط، أو الأيدي، أو الأصابع، وسائر البدن , ويكون معه ورم، وألَم شديد , وتخرج تلك القروح مع لهيب، ويسودّ ما حواليه، أو يخضر، أو يحمر حمرة بنفسجية، كدرة، ويحصل معه خفقان القلب، والقيء , وأما الوباء: فقال الخليل وغيره: هو الطاعون، وقال: هو كل مرض عام , والصحيح الذي قاله المحققون: أنه مرض الكثيرين من الناس في جهة من الأرض، دون سائر الجهات , ويكون مخالفاً للمعتاد من أمراض في الكثرة، وغيرها , ويكون مرضهم نوعاً واحداً، بخلاف سائر الأوقات؛ فإن أمراضهم فيها مختلفة، قالوا: وكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعوناً , والوباء الذي وقع في الشام في زمن عمر كان طاعوناً , وهو طاعون " عمواس " , وهى قرية معروفة بالشام.

" شرح النووي " (14/ 204).

وعليه: فكل مرض فتاك من شأنه الانتقال للآخرين بالعدوى التي يقدِّرها الله فيه: فإن له حكم الطاعون؛ لأن الشريعة لا تفرِّق بين متماثلين.

ثانياً:

أخذ العلماء من الحديث السابق أنه لا يجوز القدوم على أرض بها وباء فتَّاك ينتقل بالعدوى , ولا الخروج من أرض وقع فيها، كما هو ظاهر النص السابق.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

وفِي هذا الحَدِيث جَوَاز رُجُوع مَن أَرَادَ دُخُول بَلدَة فَعَلِمَ أَنَّ بِهَا الطَّاعُون، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيسَ مِن الطِّيَرَة، وَإِنَّمَا هِيَ مِن مَنْع الإِلقَاء إِلَى التَّهْلُكَة، أَو سَدّ الذَّرِيعَة ... .

وَفِي الحَدِيث أَيضاً: مَنْع مَنْ وَقَعَ الطَّاعُون بِبَلَدٍ هُوَ فِيها مِن الخُرُوج مِنهَا.

" فتح الباري " (10/ 186، 187).

وقال ابن القيم رحمه الله:

"وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم للأمة في نهيه عن الدخول إلى الأرض التي هو بها , ونهيه عن الخروج منها بعد وقوعه: كمال التحرز منه؛ فإن في الدخول في الأرض التي هو بها تعرضاً للبلاء , وموافاة له في محل سلطانه , وإعانة للإنسان على نفسه , وهذا مخالف للشرع والعقل، بل تجنب الدخول إلى أرضه من باب الحمية التي أرشد الله سبحانه إليها، وهي حمية عن الأمكنة، والأهوية المؤذية" انتهى.

" زاد المعاد " (4/ 42 - 44).

ثالثاً:

اختلف العلماء في المقصود بالأمن في قوله تعالى: (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) آل عمران/97 على أقوال، ومنها ما هو مقبول، ومنها ما هو ضعيف لا يلتفت إليه.

أما الأقوال الضعيفة، أو الباطلة في معنى الآية:

1. فمنها قول من قال: إن من دخله يأمن من عذاب النار في الآخرة!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير