تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل يجوز لطالب العلم أن يأخذ أجرة على مؤلفاته وأشرطته ودروسه في الفضائيات؟]

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[02 - 07 - 09, 03:27 م]ـ

هل يجوز لطالب العلم أن يأخذ أجرة على مؤلفاته وأشرطته، ودروسه في الفضائيات؟

السؤال: ما حكم أخذ الداعية أجراً مقابل مصنفاته، وأشرطته، وإلقائه الدروس عبر القنوات الفضائية؟ وهل الحكم يختلف باختلاف النية بحيث تكون الأولى من أجل الكسب فقط، والثانية نفع الأمة لكن يحصل الكسب؟

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

تأليف الكتب، وإنتاج الأشرطة يعتبران من الحقوق الخاصة بأصحابها، وهي حقوق مصونة في الشرع، فلا يجوز الاعتداء عليها بالنسخ، أو الطباعة، أو الإنتاج، من غير إذن أصحابها، ولا حرج على أصحابها في طلب مبالغ مقابلها.

وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم: (21899 ( http://islamqa.com/ar/ref/21899) ) قرار " مجلس الفقه الإسلامي ": أن حقوق التأليف، والاختراع، أو الابتكار: مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها.

ثانياً:

أما أخذ الداعية، أو العالِم مالاً مقابل تعليمه الناس الأحكام الشرعية، أو كيفية قراءة القرآن، في المساجد، أو المدارس، أو الفضائيات: فإن كان ما يُعطاه من بيت مال المسلمين [أموال الدولة]: فلا خلاف في جوازه، وإن كان يُعطاه من غيره: فللعلماء فيه أقوال ثلاثة:

1. الجواز، وهو قول جمهور العلماء، من المالكية، والشافعية، وبه قال متأخرو الحنفية، وهو الذي يرجحه الشيخان ابن باز، والعثيمين، رحمهما الله، وعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء.

2. المنع، وهو قول المتقدمين من الحنفية، ورواية عن الإمام أحمد.

3. الجواز للحاجة [كما لو كان العالم فقيراً محتاجاً إلى المال]، وهو رواية عن الإمام أحمد، وقد مال إلى القول به: شيخ الإسلام ابن تيمية.

جاء في " الموسوعة الفقهية " (13/ 14 – 16):

"لا خلاف بين الفقهاء في جواز أخذ الرِّزق من بيت المال على تعليم القرآن، وتدريس علم نافع، من حديث، وفقه، ونحوهما؛ لأن هذا الرزق ليس أجرة من كل وجه، بل هو كالأجرة.

وإنما اختلفوا في الاستئجار لتعليم القرآن، والحديث، والفقه، ونحوهما من العلوم الشرعية: فيرى متقدمو الحنفية - وهو المذهب عند الحنابلة - عدم صحة الاستئجار لتعليم القرآن، والعلم الشرعي، كالفقه، والحديث؛ لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: علمتُ ناسا من أهل الصفَّة القرآن، والكتابة، فأهدى إليَّ رجل منهم قوساً، قال: قلت: قوس، وليس بمال، قال: قلت: أتقلدها في سبيل الله، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وقصصت عليه القصة، فقلت: يا رسول الله، رجل أهدى إليَّ قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن، وليست بمال، وأرمي عنها في سبيل الله، قال: (إن كنتَ تحبُّ أن تُطوَّق طوقاً من نارٍ فَاقْبَلْها)؛ وحديث أبي بن كعب رضي الله عنه، أنه عَلَّم رجلا سورة من القرآن، فأهدى له خميصة، أو ثوبا، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إنَّكَ لَوْ لَبِسْتَها لأَلْبَسَك الله مَكَانَها ثَوْباً مِن نارٍ)؛ ولأنه استئجار لعمل مفروض، فلا يجوز، كالاستئجار للصوم والصلاة ... ؛ ولأن الاستئجار على تعليم القرآن والعلم سبب لتنفير الناس على تعليم القرآن والعلم؛ لأن ثقل الأجر يمنعهم من ذلك، وإلى هذا أشار الله جل شأنه في قوله عز وجل: (أََمْ تَسْأَلهُم أَجْراً فَهُم من مغْرَمٍ مُثْقَلُون) فيؤدي إلى الرغبة عن هذه الطاعة، وهذا لا يجوز.

وذهب متأخرو الحنفية - وهو المختار للفتوى عندهم - والمالكية في قول، وهو القول الآخر عند الحنابلة - يؤخذ مما نقله أبو طالب عن أحمد - إلى جواز الاستئجار على تعليم القرآن والفقه، لخبر: (إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتم عَلَيْهِ أَجْراَ كِتَاب الله)؛ ولما روي عن عبد الجبار بن عمر أنه قال: (كل من سألت من أهل المدينة لا يرى بتعليم الغلمان بالأجر بأساً)؛ ولأن الحفاظ، والمعلمين - نظراً لعدم وجود عطيات لهم في بيت المال - ربما اشتغلوا بمعاشهم، فلا يتفرغون للتعليم حسبة، إذ حاجتهم تمنعهم من ذلك، فلو لم يفتح لهم باب التعليم بالأجر: لذهب العلم، وقلَّ حفاظ القرآن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير