[إذا رأوه يفعل معصية طالبوه بترك الدين بالكلية!!]
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[18 - 07 - 09, 04:32 ص]ـ
[إذا رأوه يفعل معصية طالبوه بترك الدين بالكلية!!]
السؤال: بادئ ذي بدئ أشكر لكم جهدكم المبارك، وأسأل الله عز وجل أن يجعل ما تقدمونه في موازين حسناتكم يوم القيامة.
هناك شبهة من تلبيس إبليس على بعض الناس، وهي أنهم يرددون مقولة: " إما أن تأخذ الدين بأكمله، أو تتركه، ولا تتزين به "!، والسبب في ذلك: مخالطتهم، ومعرفتهم لأشخاص حولهم سَمْتهم الالتزام بأحكام الشرع، وواجباته، لكن لديهم تقصير، ومخالفة، ونقص في أمور أخرى! فهلاَّ حررتم لنا جواباً شافياً في رد هذه الشبهة، ودحض هذه الحجة؛ لأنها منتشرة، وأثرها خطير، وهي من تلبيس إبليس!.
شكر الله لكم، وزادكم من معين رحمته، وجود فضله.
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
جزاك الله خيراً - أخي السائل -، وجعلنا وإياك مفاتيح للخير، مغاليق للشر.
لا شك أن هذه القضية تجول في خاطر كثيرٍ من الناس , ولعل كثيراً منهم يرغب عن طريق الاستقامة، أو يتأخر التحاقه بالطريق لهذه الشبهة التي ذكرتها.
ثانياً:
إن الصراع بين الخير والشر مستمر منذ خلق الله آدم , فقد استكبر إبليس عن الانقياد لأمر الله، فلم يسجد لأدم، وأقسم أنه سيسعى في إضلال بني آدم: (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) الأعراف/ 17، فلا يزال إبليس يلقي للناس الشبهة بعد الشبهة، ليصدهم بذلك عن الهدى.
ثالثاً:
عدم الكمال من طبيعة البشر؛ ومهما بلغ الإنسان من العلم، والتقوى، والإيمان: فوقوع الذنب منه، والمعصية، والتقصير: غير مستبعد , ولذلك لما ذكر الله ما أعده للمتقين بيَّن شيئاً من صفاتهم، ومنها: المسارعة إلى التوبة، والاستغفار، وهذا دليل أن التقي قد تقع منه الهفوة، والزلة، أو يقع منه التقصير، قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) آل عمران/ 133 – 135.
فهؤلاء أهل الجنة المتقون، ولكن ... قد يزل أحدهم فيقع في فاحشة، ولكنه سرعان ما يتوب ويرجع إلى الله.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ) رواه مسلم (2749).
رابعاً:
هذا، وإن طريق الاستقامة طريق شاق، ويحتاج إلى مجاهدة، وصبر؛ فالإنسان في هذا الطريق يصارع هوى النفس، والشيطان، والشهوات، والشبهات، ويبقى بين صدٍّ وردٍّ، وقُرب وبُعد، ولكن بالصبر، والعلم، والجهاد، يبلغ غايته، كما قال تعالى: (والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُم سُبُلَنَا) العنكبوت/ 69.
وعَنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ، فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ: تُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ وَآبَاءِ أَبِيكَ، فَعَصَاهُ، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ: تُهَاجِرُ وَتَدَعُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي الطِّوَلِ، فَعَصَاهُ، فَهَاجَرَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ فَقَالَ: تُجَاهِدُ فَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ وَيُقْسَمُ الْمَالُ، فَعَصَاهُ،
¥