تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما الأقوال الضعيفة، أو الباطلة في معنى الآية:

1. فمنها قول من قال: إن من دخله يأمن من عذاب النار في الآخرة!.

2. وكقول من قال: إن من دخله يأمن من الموت على غير الإسلام!.

3. وكقول من قال: إن المعنى: أن من دخل الحرم يأمن من الأمراض.

4. وكقول من قال: إن معنى الآية: الأمن من القتل.

لوجود كل ذلك في واقع الأمر، كمن مات على الكفر، والردة، وكان قد دخل الحرم، ولوجود المرض، والوباء فيه، وكذا حصول القتل فيه، قديماً، وحديثاً.

05 وقيل: إن (مَن) ها هنا لمن لا يعقل، والآية في أمان الصيد.

وأما الأقوال المعتبرة في الآية:

1. أن معنى الآية: أن هذا الأمن على النفس من آيات الحرم؛ لأن الناس كانوا يُتخطفون من حواليه، ولا يصل إليه جبار، فقصد الله تعالى بذلك تعديد النعم على كل مَن كان بها جاهلاً، ولها منكراً من العرب، كما قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) العنكبوت/ 67، فكانوا في الجاهلية من دخله ولجأ إليه: أمِن من الغارة، والقتل.

2. أنه أراد به: أن مَنْ دخله عام " عمرة القضاء " مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آمِناً، كما قال تعالى: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَآءَ اللَّهُ آمِنِينَ) الفتح/ 27.

3. أنها خبر بمعنى الأمر، تقديره: " ومَن دخله: فأمِّنوه "، كقوله تعالى: (فلا رفثَ ولا فسوقَ ولا جدال في الحج) البقرة/ 197، أي: لا ترفثوا، ولا تفسقوا.

قال ابن القيم رحمه الله:

وهذا إما خبر بمعنى الأمر؛ لاستحالة الخُلْفِ في خبره تعالى، وإما خبرٌ عن شرعه ودينه الذي شرَعه في حرمه، وإما إخبارٌ عن الأمرِ المعهود المستمِرِّ في حرمه في الجاهلية والإسلام، كما قال تعالى: (أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) العنكبوت/ 67، وقوله تعالى: (وَقَالُواْ إن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا، أَوَ لَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيءٍ) القصص/ 57، وما عدا هذا من الأقوال الباطلة: فلا يُلتفت إليه، كقول بعضهم: " ومَن دخله كان آمناً مِن النار "، وقول بعضهم: " كان آمناً مِن الموت على غير الإسلام "، ونحو ذلك، فكم ممن دخله وهو في قعر الجحيم.

" زاد المعاد في هدي خير العباد " (3/ 445).

والقول الأول الذي ذكره ابن القيم هو الأليق بمعنى الآية.

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

ويقول سبحانه: (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) يعني: وجب أن يؤمَّن , وليس المعنى أنه لا يقع فيه أذى لأحدٍ , ولا قتل , بل ذلك قد يقع , وإنما المقصود: أن الواجب تأمين من دخله , وعدم التعرض له بسوء.

وكانت الجاهلية تعرف ذلك , فكان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه فلا يؤذيه بشيء حتى يخرج.

" فتاوى الشيخ ابن باز " (3/ 380).

وعلى هذا: ليس المقصود بالأمنِ الأمنَ مِنَ الأمراض والأوبئة؛ فالأمراض والأوبئة قد تنزل أرض الحرم المكي والمدني , وهذا معروف، قديماً، وحديثاً.

وقد سبق في جواب السؤال رقم (131887 ( http://islamqa.com/ar/ref/131887)) أن مكة والمدينة محفوظتان من الطاعون، وليستا محفوظتين من سائر الأوبئة والأمراض العامة.

رابعاً:

نحمد لله على أن هذا الوباء لم يبلغ مكة، أو المدينة، وإنما هي بضع حالات في عموم المملكة العربية السعودية، كما هو في أكثر الدول، مع الوجود الكبير اليومي من المصلين، والمعتمرين، ومع ذلك فلا بأس أن يأخذ الإنسان بأسباب السلامة، كلبس الكمامات , وغير ذلك من أسباب الوقاية من المرض.

والملاحظ أن بعض وسائل الإعلام تهول من هذا الأمر , ويستغل بعض الحاقدين والمتربصين ذلك للتنفير من شعائر الإسلام , مع أن هناك تجمعات كبيرة مماثلة - كملاعب كرة القدم، والمهرجانات الغنائية - ولم نر، أو نسمع، من أولئك التحذير والتنفير من تلك التجمعات، بل على العكس من ذلك، نرى التشجيع على الحضور، والمشاركة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير