تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إنني أجزم بأن الساحة الفكرية ابتداءً من القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا يحركها (الآخر). فالأفكار تبدأ هناك وتنتقل إلى المنافقين بتأثير مباشر من الكافر، أو يُعجب المنافق بما عند القوم فيأخذه، ثم يأتي الشريعة الإسلامية ـ والمنافق منتسب للشريعة ـ ويعطي تبريرات أو يشرعن هذه الحالة. وفي مرحلة ثالثة .. بعد التأسيس من الكافر والنقل من المنافق، يأتي الغافل ويتعامل مع المنافق وحده أو مع ما تكلم به المنافق بعد أن ألبسه ثوب الشريعة. يحسب الغافل أن المنافق مبدأ الفكرة ومنتهاها، أو يأتي طيبٌ مهزوم فتملَى عليه أسئلة ويجيب، أو يرى خلافاً قد اشتد بين الطيبين والمنافقين فيسلك الغافل طريقاً وسطاً لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.!!

وحتى يتضح المقال دعني أضرب الأمثال:

الحجاب ـ بمعناه الذي نعرفه في ديننا ... بالجدران ثم بالثياب إن اضطرت المرأة للخروج ـ لم تكن تعرف الأمة كلها غيره، والثورة عليه مصدرها الآخر. وبدأ الحديث بها وتفعيلها الآخر ولمدة قرن كامل من الزمن (التاسع عشر)، ثم جاء المنافقون ونقلوا نقلاً مباشراً عن الآخر، فقاسم أمين لم يخرج شيئاً من جيبه وإنما أخذ من كيس النصارى .. مرقص فهمي والدوركير الفرنسي والاعتراضات الأوروبية على الرحلة الأصمعية.ثم نقلت القضية نقلة أخرى إلى داخل ساحتنا الفكرية حين دخل الغافلون من الشرعيين فتفاعلوا مع أدلة المنافقين المفتعلة، فتحدثوا عن جواز كشف الوجه، وهل يطاله الحجاب أم لا، وعن الحالات التي يجوز فيها مخالطة المرأة للرجال.

فهي من عند الكافر، وألبسها المنافق ثوب الشرعية، ثم جاء الغافل وخال عليه دجلهم فتفاعل معها على أنها قضية إسلامية، أو على أنه خلاف إسلامي إسلامي!!

وقل مثل هذا على قضية (تحكيم الشريعة)، وعلى قضية (الدولة المدنية) وعلى قضية (تاريخية النص)، بل وعلى كل ما يدار في ساحتنا الفكرية.

إنها هكذا: ثلاث حلقات .. وحلقة رابعة!

في الحلقة الأولى تبدأ الأفكار عند الآخر.

وفي الثانية نقل من الأخر وإلباس الأفكار ثوب الشرعية أو إدخالها عنوة ضمن الفكر الإسلامي.

وفي الثالثة التفاعل من الغافلين.

وفي الرابعة من هذا المسلسل تكون عند الآخر ينقل أقوال المنافقين التي هي أقواله بداية إلى قومه ليصدهم عن سبيل الله.

وهذا هو الهدف الرئيسي من هذا الحراك كله. شغلنا بأنفسنا وصدنا عن دعوة قومهم.والمحصلة دوامة فكرية تأخذ جهدنا، وتشغلنا عن قضيتنا الأولى التي هي دعوة الناس إلى الله سبحانه وتعالى وعز وجل.

وهذا الأمر واضح جداً في كل ما كتب رؤوس النفاق في واقعنا المعاصر، وعلى سبيل المثال ترجمت كتب قاسم أمين، وهي كتاباتهم أساساً، إلى أكثر من لغة ونشرت على أنها أفكار المسلمين، وترجمت كتب خليل عبد الكريم وهو ينقل نقلاً حرفياً أو يكاد من القس جوزيف قذى الماروني اللبناني. وترجموا من كتب عباس العقاد ما يعجبهم وتركوا ما لا يعجبهم، وجلس العقّاد بين قرنائه يشكو من ظلم أسياده إذ ترجموا شيئاً وتركوا أشياءً. وليته فطن.

وحتى تعلم أنها حالة من العمالة للآخر، أو حالة من تأثير الآخر في فكرنا هلم معي للتالية.

مفهوم العمالة للآخر ومظاهرها

يفهم بعضهم من وصفِ أحدهم بالعمالة أنه يلتقي و (الآخر) في مكانٍ بعيدٍ مظلمٍ ويتحدثان بصوتٍ خافت وهما يلتفتان يمنة ويسره، يُعِدُّون الخطط ويدبرون المكائد. وهي صورة سينمائية قديمة، لم يعد لها حضور في أرض الواقع. أو كادت تنحصر في أرض الواقع.

تغيَّرَ مفهوم العمالة وتطور؛ في طريقة الممارسة لا في المضمون، فالعمالة في كل حين تعني مساعدة العميل لمن يعمل لحسابه في تحقيق أهدافه. وكانت في ما مضى تأتي هذه المساعدة سرية، واليوم أخذت أشكالاً أخرى، وتهدف في جميع أشكالها إلى تحقيق أهداف (الآخر).

قواسم مشتركة بين العملاء:

هذه أهم القواسم المشتركة بين العملاء، وتتوفر كلها أو بعضها في العميل، وهي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير