فإنه متى كثر النوم قسا القلب وضاع الوقت النفيس , ومتى قل النوم تمكن العبد من أداء وظائف العبادات , قال بعض السلف: "اللهم اشفنى من النوم باليسير " , فكأن النوم مرض.
وقال الآخر: " لولا أن النوم جبلة لدعوت الله ألا انام ".
وقالت أم سليمان عليه السلام له وهو صغير: "يا بنى لا تكثر النوم من الليل فإن كثرة النوم بالليل تجعل الرجل يوم القيامة مفلسا ".
وقال تعالى عن العابدين: (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون)
وفى الحديث: "من خاف أدلج " وهو السير بالليل كأن الخائف من الله يتعبد ليلا ونهارا ليصل إلى الجنة.
وليس المقصود من قلة النوم أن يقلله الإنسان بحيث يتأذى ولكن المقصود أن يقلله قدر ما يستطيع ولكن لا يزيد عن 8 ساعات ولو نام خمس ساعات لكان خيرا كثيرا والله المستعان , ومن الخطأ الإكثار من السهر بحيث يصلى الإنسان الفجر وهو كسلان متعب فالفرض أولى بالاهتمام من النفل.
كيفية تقليل النوم:
1 - تقليل الطعام فإن المعدة متى ثقلت وامتلأت نام الإنسان كثيرا , ومتى قل الطعام قل النوم.
2 - يقلل عدد ساعات نومه تدريجيا ولا بأس أن يستعمل أدوية الصداع لو شعر بوجع رأسه حتى يتعود على قلة النوم , والنفس ما عودتها تعود.
3 - يوزع النوم على مرات ليسهل عليه التقليل وكلما دعته نفسه إلى المنام سوفها بالفترة الثانية , وأفضل أوقات النوم ما بين الظهر والعصر وبالليل فمن الخطأ سهر الليل كله وفى الحديث: "ما قام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليلة كاملة يحييها " , ولا حرج إن شاء الله أن ينام الإنسان متى شاء طالما لم يخل بالصلوات ولكن الأفضل ما قدمنا من أوقات ونوم الليل جبلة وسنة كونية فالأفضل عدم تغييرها إلا فى المواسم كالعشر الأواخر من رمضان.
4 - الخوف والاهتمام بأمر العبادة فإنه متى خاف الإنسان واهتم بشئ قل نومه , وقال بعض السلف: "خوف جهنم أطار النوم من أعين العابدين " , وقال بعضهم: "لو تأملتم خلود الكفار فى النار لما نمتم ليلا ولا نهارا " , والطالب فى الدراسة لا ينام أثناء امتحاناته إلا قليلا فكذلك فليكن طالب الآخرة.
ـ[ليث الدين القاسمي]ــــــــ[31 - 05 - 10, 02:04 م]ـ
د- شهوة الاختلاط والتعلق بالناس:
فإن العبد متى تعلق بغير الله ضاع حظه من الله وتقطع قلبه على الدنيا حسرات ومتى تعلق بالله أتاه الخير من كل جانب وليحذر الداعية والعابد والعالم من كثرة المخالطة فإنه لابد أن يجعل لنفسه وقتا يخلو فيه بالله , وفى الحديث: "وابك على خطيئتك وليسعك بيتك " وليس المعنى ترك مخالطتهم واعتزالهم فلا يجد الجهال من يعلمهم ولا العصاة من يعظهم ولكن المقصود ألا يكثر المرء من الخلطة وفى الحديث: "المؤمن الذى يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذى لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم ".
وليحذر العباد من التعلق بأشخاص يعجب بصورهم ولو كانت الزوجات فالمؤمن لا يتعلق بغير الله , وليحذر الدعاة أن يتعلقوا بشخص لا تقوم الدعوة إلا عليه , فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الدعاة يموت وتستمر الصحابة على طريقته وينشرون الدين من بعده فالأشخاص آلة اختارها الله لنشر دينه والدين قائم بهم أو بغيرهم.
فوائد مخالطة الناس:
فبعض الناس بطبيعة عمله كداعية أو عالم يعلم العلم قد يضطر إلى مخالطة الناس أكثر من غيره فتقول له لا تنس أن تجعل لنفسك وقتا تتفرغ فيه وفى الأثر: "حق على العاقل ألا يغفل عن أربعة ساعات: ساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يخالط الناس فيما لابد له منه وساعة يخلو فيها بربه وساعة يستجم بها ليتقوى على بقية الساعات " ثم نقول له:
من الممكن أن تستغل هذه المخالطة فيما تنتفع به لتكون فائدة ذلك لك لا وبالا عليك وذلك بوسائل:
1 - أن يستغل المرء خلطته وتعامله مع الناس ليكتشف عيوبه وأخلاقه التى لا تظهر إلا بالمعاملة فإذا عرف عيوبه هذب نفسه وقومها ومعرفة هذا لا تستطاع إلا بالمخالطة.
2 - أن يعود المرء نفسه على احتمال أخلاق الآخرين وطباعهم فيكون قد نال مرتبة حسن الخلق فحسن الخلق ليس بالإحسان إلى من أحسن إليك ولكنه الإحسان إلى من أساء إليك فكأن حسن الخلق لا يظهر إلا بالمخالطة.
3 - بالمخالطة يتمكن الإنسان من دعوة الناس إلى الله تعالى وتحفيظهم القرآن وتعليمهم العلم ومن خلال حسن خلقه معهم يكسب حبهم له فيستطيع إقناعهم بكلامه ولكن ليحذر من التعلق بمخلوق غير الله مهما كان فإن القلب المتعلق بغير الله لا يصل إلى الله , ولعل هذا من أكبر آفات كثرة المخالطة بين الإخوة والأصدقاء – أعنى أن تتعلق قلوب بعضهم ببعض بصورة مبالغ فيها والله المستعان.
ـ[ليث الدين القاسمي]ــــــــ[31 - 05 - 10, 02:04 م]ـ
هـ- فضول المعرفة أو حب الفضول:
وعلامته ألا يزال المرء طالبا لمعرفة كل شئ عن غيره فلا يرى قوما يتكلمون إلا ويسألهم عن كلامهم أو ربما استمع إليهم وتنصت أو تجسس عليهم.
وعلامته كذلك محاولة التدخل فى أمور الناس الخاصة مع عدم طلبهم منه ذلك وهذه شهوة ذميمة تسبب للعبد المذمة عند الناس قبل ذم الدين وفى الحديث: " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " , وقد قال بعض الحكماء: "من تدخل فيما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه ".
ومن مظاهر ذلك أيضا أن ينظر إلى الناس وهم يأكلون ليعرف ماذا يأكلون وكم يأكل أحدهم وكيف يأكل وغير ذلك من دنايا النفوس أعاذنى الله والمسلمين منها.
¥