رواه أحمد (4/ 138)، والترمذي (5/ 569)، وابن ماجه (1/ 441)، وهو حديثٌ صحيحٌ.
وهذا الحديث لا حجة فيه على التوسل بذات النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أو جاهه، لا في حياته ولا بعد مماته، ولا أنه عامٌّ لكلِّ أحدٍ، بل هو خاصٌّ بذلك الصحابي الأعمى، وفي زمن حياة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفي دعائه صلى الله عليه وسلم الخاص له، والأدلة على ذلك كثيرةٌ، منها:
1. أن الأعمى إنما جاء إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ليدعوَ له "ادْعُ الله أَنْ يُعَافِيَنِي"، وهو توسلٌ جائزٌ مشروعٌ، وهو التوسل بدعاء الرجل الصالح في حياته، ولا أصلحَ من النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يُتوسل بدعائه، ومثل هذا: توسل الصحابة بدعاء العباس رضي الله عنه في عهد عمر رضي الله عنه لما أصابهم الجدب.
2. نُصح النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بالأفضل، وهو الصبر" وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، وإصراره رضي الله عنه على الدعاء "ادْعُهُ".
3. توجيه النبي صلى الله عليه وسلم الرجلَ الأعمى لنوع آخر من التوسل المشروع، وهو التوسل بالعمل الصالح، فأمَرَه أنْ يتوضأَ ويصليَ ركعتين ويدعوَ لنفسه "فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ ... ".
4. أنَّ الأعمى قال "اللهمَّ فَشِفِّعْهُ فيَّ "، أي: اقبل شفاعته، أي: دعاءه صلى الله عليه وسلم لي.
5. قول الأعمى "وَشَفِّعْنِي فِيهِ" - ولم يذكرْها المصنف - يعني: اقبل شفاعتي، أي: دعائي في أنْ تقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم في ردِّ بصري.
6. لم يفعل أحدٌ من العميان في عصر السلف هذا الأمر، أي: الصلاة والدعاء، لأنهم لم يفهموا الحديث على عمومه، فليس هناك دعاءٌ منه صلى الله عليه وسلم لهم، وقد لقي ربه عز وجل، فكيف سيقولون مثل هذا الدعاء؟!.
7. ذكر العلماء هذا الحديث في معجزاته صلى الله عليه وسلم كالبيهقي في "دلائل النبوة" وغيره.
ذكر هذه الوجوه: شيخنا الألباني رحمه الله في كتابه النافع "التوسل أنواعه وأحكامه" (ص69 فما بعدها)، وانظر كلاماً متيناً لشيخ الإسلام رحمه الله على هذا الحديث في كتابه "قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة" (ص185).
= تنبيه
وممَّا يَستدلُّ به بعضُ المبتدعة أن رجلاً أعمى كان يتردد على عثمان بن عفان رضي الله عنه ... وأن عثمان بن حنيف أمره بالصلاة والدعاء، وهي قصة ضعيفة، وزعمهم أن "الطبراني" روى القصة وصححها: تلبيسٌ واضحٌ، إذ الطبراني رواها مع الحديث السابق، وقال في آخرها: "حديث صحيح"، وهو -رحمه الله- لم يصحِّح القصةَ، وإنما الحديثَ، وهو صحيحٌ كما قال، وانظر "التوسل" (ص86) و"كشف المتواري" (ص27 - 76).
والله أعلم
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[18 - 02 - 03, 12:32 م]ـ
بارك الله فيكم ..... فقد تبين لي ضعف حديث ابن أبي أوفى ...
ومع هذا فإن من حزبه أمرٌ، وعرضت له نازلة، ففزِع إلى " الصلاة "، مع إحضار الأسباب، كان مصيباً موافَقاً، وحريٌ به أن ييسر الله أمره، ويقضي حاجته ...
على ألاّ يلتزم صيغة مخصوصة من الدعاء، يرى أنها مشروعة بذاتها، وقد قال تعالى " واستعينوا بالصبر والصلاة " الآية، ومن نظر في سيرة سيد ولد آدم ـ صلى الله عليه وسلم ـ علم أن هذه سنته، وأنه كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة و الدعاء، والله اعلم.
ـ[ابن أبي عبدالتسميني]ــــــــ[11 - 11 - 07, 12:46 م]ـ
للرفع
ـ[بن عطية]ــــــــ[14 - 11 - 07, 03:18 م]ـ
بارك الله فيكم ..... فقد تبين لي ضعف حديث ابن أبي أوفى ...
ومع هذا فإن من حزبه أمرٌ، وعرضت له نازلة، ففزِع إلى " الصلاة "، مع إحضار الأسباب، كان مصيباً موافَقاً، وحريٌ به أن ييسر الله أمره، ويقضي حاجته ...
على ألاّ يلتزم صيغة مخصوصة من الدعاء، يرى أنها مشروعة بذاتها، وقد قال تعالى " واستعينوا بالصبر والصلاة " الآية، ومن نظر في سيرة سيد ولد آدم ـ صلى الله عليه وسلم ـ علم أن هذه سنته، وأنه كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة و الدعاء، والله اعلم.
جزاك الله خير كنت اريد ان اذكر هذه الفائدة فسبقتني بها