تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أدعية سجود التلاوة (دراسةٌ حديثية).

ـ[الحمادي]ــــــــ[26 - 05 - 03, 03:17 م]ـ

بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيْم

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسَّلام على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعدُ

فقد رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم دُعاءَان يُدْعَى بهما في سجودِ التلاوة، فأحببتُ في هذا البحث؛ جَمْعَ طرق هذين الدعاءين مع دراستها.

ومن كان عنده استدراك أو زيادة فائدة فليشارك.

الصيغة الأولى / قولُ: " سجدَ وجهيَ للذي خلقَه؛ وشقَّ سمْعَه وبصَرَه بحولهِ وقوتهِ ".

جاءت هذه الصيغة من حديث عائشة "رضي الله عنها" وحديث عطاء بن السائب عن قيس بن السكن.

فأما حديث عائشة فمدارُه على (خالد الحذاء) وقد اختلف عليه، وذلك على وجهين:

الوجه الأول / رُوي عن خالد الحذاء عن أبي العالية (رُفيع بن مهران) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجود القرآن بالليل:

" سجدَ وجهيَ للذي خلقَه وشَقَّ سمعَه وبصرَه بحولِه وقوَّتِه ".

وهذا الوجه أخرجه النسائي في الصغرى (1129) وَ الكبرى (714) وَالترمذي في سننه (580 وَ 3425) ومن طريقه البغوي في شرح السنة (3/ 313).

وَابن خزيمة في صحيحه (564) وَإسحاق في مسنده (1679) والحاكم في المستدرك (1/ 220) وعنه البيهقي في الكبرى

(2/ 325).

ورواه في الدعوات (388).

كلُّهم من طريق: عبدالوهاب الثقفي.

وهذا لفظ النسائي. زاد الحاكم والبيهقي في الكبرى: (فتبارك الله أحسن الخالقين).

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 20) وَ أحمد في المسند

(40/ 23 رقم "24022") وابن المنذر في الأوسط (5/ 272) من طريق هشيم بن بشير.

وابن خزيمة في صحيحه (564) والحاكم (1/ 220) من طريق خالد بن عبدالله الطحان.

والدارقطني في سننه (1/ 406) من طريق سفيان بن حبيب.

والطبراني في الأوسط (3476) وَالحاكم في المستدرك (1/ 220) وَأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (3/ 512) من طريق وُهيب بن خالد.

خمستهم (عبدالوهاب وَ هشيم وَ خالد وَ سفيان وَ وهيب) عن خالد الحذاء عن أبي العالية عن عائشة رضي الله عنها.

الوجه الثاني / رُوي عن خالد الحذاء عن رجل عن أبي العالية عن عائشة رضي الله عنها.

وهذا الوجه أخرجه الإمام أحمد في المسند (43/ 21 رقم"25821") وَ أبوداود في سننه (1414) ومن طريقه البيهقي في الكبرى (2/ 325) وَ الدعوات (389).

وَابن أبي شيبة في المصنف (2/ 20) وَ ابن خزيمة في صحيحه

(565) وَ البيهقي في السنن الصغير (907) وَفي الأسماء والصفات

(1/ 215).

كلهم، من طرقٍ عن:

إسماعيل بن عُليَّة عن خالد الحذاء عن رجلٍ عن أبي العالية عن عائشة رضي الله عنها، بمثله.

وقد صحح الترمذيُّ والحاكم هذا الحديث بالوجه الأول، بينما أعلَّه ابن خزيمة في صحيحه والدارقطني في العلل (5/ 96 / مخطوط) حيث رجَّحا الوجه الثاني؛ وهو روايةُ إسماعيل بن عُليَّة عن خالد الحذاء عن رجل.

ولعلَّ سبب ترجيحهم روايةَ إسماعيل على رواية الآخرين – مع أن الذين خالفوه خمسةٌ، بعضهم ثقةٌ ثبت –

هو أن خالداً الحذاء لم يسمع من أبي العالية الرياحي، كما قال الإمام أحمد (التهذيب 3/ 122).

وعبارةُ الإمام أحمد كما في مسائل أبي داود صـ446 وَ العلل لعبدالله بن أحمد (1/ 253 - ):

" ما أُرَى خالداً الحذاء سمع من أبي العالية شيئاً ".

فقرينةُ عدم سماع خالدٍ من أبي العالية تُقَوِّي احتمالَ الواسطة بينهما.

وعلى كلِّ حالٍ، فالحديث ضعيفٌ من الوجهين:

فهو ضعيفٌ للانقطاع في رواية (خالد الحذاء عن أبي العالية).

وضعيفٌ للإبهام في رواية (خالدٍ عن رجل عن أبي العالية)، والله أعلم.

يُضاف إلى ذلك احتمال عدم سماع أبي العالية من عائشة رضي الله عنها، والذي جعلني أقول ذلك أن الحافظَ ابنَ حجر رحمه الله قال في مسند عائشة من (إتحاف المهرة 16/ 1077):

" رُفيع أبو العالية عنها، ولم يسمع منها ".

بينما أثبت سماعَه منها الذهبي رحمه الله، كما في تذكرة الحفاظ

(1/ 61).

ولم أجدْ من المتقدمين مَنْ أثبتَ السماعَ أو نفاه، إلا أنَّ احتمالَ السماع واردٌ.

وأما حديث عطاء بن السائب، فقد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (2/ 20) عن محمد بن فُضيل عن عطاء بن السائب قال:

دخلتُ المسجدَ فإذا أنا بشيخين يقرأُ أحدهما على صاحبه القرآن، فجلستُ إليهما فإذا أحدهما قيس بن سكن الأسدي، والآخر يقرأ عليه سورةَ مريم فلما بلغ السجدةَ قال له قيس: دَعْها فإنا نكره أن يَرَونا أهلُ المسجد، فتركَها وقرأَ ما بعدها، ثم قال قيس: والله ما صرَفَنَا عنها إلا الشيطان، اقرأْها، فقرأها فسجدنا، فلما رفعنا رؤوسَنا، قال له قيس: تدري ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سجد؟ قال: نعم، كان يقول: " سَجَدَ وجهيَ لمن خلقه، وشقَّ سمعه وبصره ".

قال: صدقتَ. وبلغني أنَّ داود كان يقول: سجد وجهي متعفِّراً في التراب لخالقي، وحُقَّ له.

ثم قال: سبحان الله، ما أشبهَ كلامَ الأنبياء بعضهم بعضاً.

وهذا الإسناد ظاهرُ الضعف، فإنَّ محمدَ بن فُضيل ممن سمع من عطاء بعد اختلاطه كما قال أبو حاتم.

بالإضافة إلى إرسال قيس بن السكن للحديث، وجهالة الرجل الآخر.

فهاتان علَّتان اجتمعتا في حديث عطاءٍ هذا، ولذلك لايمكن جعله شاهداً لحديث عائشة رضي الله عنها.

هذا ما يتعلق بالدعاء الأول من أدعية سجود التلاوة، ويأتي - إن شاء الله تعالى - البحث في الدعاء الثاني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير