[أيهما أشد في الاتصال بين الراويين أحمد أو البخاري]
ـ[النسائي]ــــــــ[24 - 02 - 03, 06:34 م]ـ
في مسألة السماع واللقاء بين الرواة
قال ابن رجب:
وأما جمهور المتقدمين فعلى ما قاله ابن المديني والبخاري، وهو القول الذي أنكره مسلم على من قاله.
إلى أن قال
(بل كلامهم يدل على اشتراط ثبوت السماع كما تقدم عن الشافعي رضي الله عنه، فإنهم قالوا في جماعة من الأعيان ثبتت لهم الرؤية لبعض الصحابة، وقالوا مع ذلك لم يثبت لهم السماع منهم، فرواياتهم عنهم مرسلة. منهم الأعمش، ويحيى بن أبي كثير، وأيوب، وابن عون، وقرة بن خالد، رأوا أنساً ولم يسمعوا منه، فرواياتهم عنه مرسله.
كذا قاله أبو حاتم، وقاله أبو زرعة في يحيى بن أبي كثير.
وقال أحمد في يحيى بن أبي كثير: ((قد رأى أنساً فلا أدري سمع منه أم لا؟)). ولم يجعلوا روايته عنه متصلة بمجرد الرؤية، والرؤية أبلغ من إمكان اللقي.
وكذلك كثير من صبيان الصحابة رأوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يصح لهم سماع منه، فرواياتهم عنه مرسلة، كطارق بن شهاب وغيره.
وكذلك من علم منه أنه مع اللقاء لم يسمع ممن لقيه إلا شيئاً يسيراً، فرواياته عنه زيادة على ذلك مرسلة، كروايات ابن المسيب عن عمر، فإن الأكثرين نفوا سماعه منه، وأثبت أحمد أنه رآه وسمع منه، وقال مع ذلك: إن رواياته عنه مرسلة لأنه إنما سمع منه شيئاً يسيراً، مثل نعيه للنعمان بن مقرن على المنبر، ونحو ذلك.
وكذلك سماع الحسن من عثمان على المنبر يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام، ورواياته عنه غير ذلك مرسلة.
وقال أحمد: ((ابن جريج لم يسمع من طاووس ولا حرفاً، ويقول: رأيت طاووساً)).
وقال أبو حاتم الرازي أيضاً: ((الزهري لا يصح سماعه من ابن عمر، رآه ولم يسمع منه، ورأى عبد الله بن جعفر ولم يسمع منه)).
إلى أن قال:
(فدل كلام أحمد، وأبي زرعة، وأبي حاتم على أن الاتصال لا يثبت إلا بثبوت التصريح بالسماع، [[وهذا أضيق من قول ابن المديني والبخاري]]، فإن المحكي عنهما: أنه يعتبر أحد أمرين: إما السماع وإما اللقاء، [[وأحمد ومن تبعه: عندهم لا بد من ثبوت السماع]]، ويدل على أن هذا مرادهم أن أحمد قال: ((ابن سيرين لم يجيء عنه سماع من ابن عباس)).
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[24 - 02 - 03, 10:17 م]ـ
هذا الكلام فيه نظر لأنه مخالف لما كان عليه المتقدمون.
وقد نقل غير واحد من العلماء الإجماع باتصال الإسناد إذا:
1 - ثبوت المعاصرة مع إمكانية اللقاء
2 - لم توجد قرائن تدل على عدم السماع
3 - خلو الراوي من التدليس
وهذا إجماع صحيح لا خلاف فيه بين المتقدمين. البخاري ومسلم وابن المديني وأحمد وشعبة وغيرهم، كلهم يتفقون على ذلك. إنما قد يختلفون في تطبيق هذه القاعدة كاختلافهم في الجرح والتعديل.
والأمثلة التي استشهد بها ابن رجب فيها نظر.
مثلا: وقال أحمد في يحيى بن أبي كثير: ((قد رأى أنساً فلا أدري سمع منه أم لا؟)). أقول يحيى بن أبي كثير مدلس فلا يستقيم هذا المثال.
قال ابن رجب: . أقول هذا مثال ليس بجيد كذلك. فإن المعاصرة لم تتحقق فيه، إذ لم يدرك ابن المسيب من عمر إلا بضع سنين كان فيها طفلاً.
قال ابن رجب:
أقول وهؤلاء مدلسين كذلك. وقد استشهد عثمان وعمر الحسن البصري 14 سنة، لكنه لم يكن في المدينة في غالب هذا الزمن. وهذا إخلالٌ بالشرط الأول الذي ذكرنا. وإذا أردت مثالاً آخر نقول الحسن البصري عن ابن عباس، فهو قد عاصره لكنه لم يسمع منه. ذلك أن الحسن كان في المدينة لما كان ابن عباس في البصرة، والعكس.
على أن التمثيل بالحسن البصري فاسد كما ذكرنا لأنه مشهور بالتدليس. والتدليس عند السلف يشمل كذلك أن يروي الرجل عمن عاصره ولم يسمع منه، ويسمى ذلك بالإرسال الخفي.
ومن العجيب ان العوني يحتج بأمثلة من الحسن البصري مع أنه يعلم أنه مدلس، لا يصح ذكره هنا. وهو نفسه قد كتب كتاباً كاملاً عن الحسن البصري وعلاقته بالتدليس الخفي، فكيف خفي عليه ذلك؟!