[بل ضعيف، بل ضعيف (علي بن زيد بن جدعان)]
ـ[أخو من طاع الله]ــــــــ[04 - 01 - 03, 03:14 ص]ـ
هذا الراوي .. الذي كادت كلمة النقّاد تجتمع على تضعيفه، وردِّ حديثه ..
وجدت أخانا "النقاد" حكم بحسنِ حديثه .. ثمَّ أحالني على مليء ..
المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس للشريف حاتم العوني -حفظه الله ووفّقه-
وراجعتُ الكتاب، لأرى أدلّته فيه ..
وهنا وقفات مع كلام الشيخ حاتم، نفع الله بعلمه:
الأولى: (1/ 308) استدلاله بكلام ابن عدي: "ولعلي بن زيد بن جدعان غير ما ذكرت من الحديث أحاديث صالحة، لم أر أحدًا من البصريين وغيرهم امتنعوا من الرواية عنه، وكان يغالي في التشيُّع، في جملة أهل البصرة، ومع ضعفه يكتب حديثه"
وهذه العبارة، صريحة في تضعيفه، فنفي امتناع الناس عن الرواية عنه، يعني ليس بمتروك.
ويقول: ومع ضعفه -وهذا نصٌّ- يكتب حديثُه، وهذا ظاهر في التضعيف، بحيثُ لو اكتفى به لدلّ على ضعف الراوي، كيف وقد بيَّن أنَّ ضعفه، لا يبلغ ترك حديثه، بل يُكتبُ ..
هذا كُلُّه وقد أورده في كتاب الضُّعفاء، والقاعدة المعروفة، أنّ ألفاظ الجرح والتعديل يُراعى فيها: (السياق)، و (الاقتران) ..
فقد ورد في كتاب مفرد للضعفاء، بحيثُ لو أطلق التحسين، لوردَ عليه السِّياق، ولو قال ثقة، لكان قريبًا أن يُحمل على نفيِ الكذبِ وحده.
وابن عديٍّ الذي وصفه الذهبي بالاعتدال -كما نقل الشيخ في الكتاب- كثيرًا ما ينصُّ على حسنِ حديث الراوي، ثمَّ يتبيَّن من سياق كلامه أنَّه يريد أنَّه ليس بمتروك، فكيف وقد نصَّ هنا على أن علي بن زيد "مع ضعفه يكتب حديثه"، وقبله بيسير قوله "لم أر أحدًا من البصريين وغيرهم امتنعوا من الرواية عنه"
الثانية: استدلاله بكلام الحافظ الدارقطني: "أنا أقف فيه، لا يُترك، عندي فيه لين"
وقول الحافظ الدارقطني صريحٌ في أنَّه "لا يُترك"، "عندي فيه لين"، أيشٍ يُشرَحُ به كلامُه أبين من هذا في تضعيفه؟
الثالثة: إيراده للقاعدة: "تضعيف الراوي نسبة إلى من هو فوقه" ..
وأختُها أولى بعليِّ بن زيد "توثيق الراوي نسبة إلى من هو دونه" ..
وقد رأيت:
- أن عددًا ممن تكلَّم فيه دفع عنه (التَّرك).
- وأنَّ ابن عديٍّ أورده في كتاب الضُّعفاء، ولم يصفه بما يوهم التوثيق، بل نصَّ على تضعيفه.
الرابعة: استدلاله بقول أحمد في رواية صالح: "لا بأس به".
وهذه الكلمة تحتمل الجرح، وأنَّه لا يُترك، وتحتمل التوثيق، وهو أكثر، لكنَّ كلام أحمد في رواية صالحٍ نفسِه، ورواية غيرِه، قاضٍ بتضعيفه، بل قال فيه "ليس بشيء"!
ولو قال فيه "ثقة"، بعد هذا، لحُملت على نفي الكذب، كما يقع منه أحيانًا، ومن ابن معين كثيرًا.
الخامسة: استدلاله بتحسين البزار، وقول الترمذي "حسن غريب".
فأمَّا تحسين البزّار، فالأظهر أنَّه لا يريد به الحسن الاصطلاحي كما يدلُّ عليه صنيعه في عددٍ من الأحاديث، واصطلاحه في الحسن في مسنده، قريب من اصطلاح الدارقطني في سننه.
وأما تقويته ذلك بأن البزّار بصري، فإنَّ محلَّ هذا من تقدَّم البزّار من طبقة أحمد، ومن بعده كالبخاري ونحوهما، أمَّا من تأخر، فإنَّ الأسانيد اجتمعت لهم غالبًا، ولم يبقَ اختصاصٌ لبلديٍّ ببلديِّه، ولذا لا ينفردُ أحدٌ من طبقة البزَّار -بل ولا أهل بلد- بحديث صحيح، أو حسنٍ، بل ولا ضعيفٍ لا يكون مقلوبًا، أو موضوعًا.
وأمَّا الترمذي، فالّذي يظهر -والله أعلم- أنَّه يتساهل في الرجال من طبقة التابعين أو من بعدهم بيسير، ويغضُّ نقده عمّن وصفَ بسوء حفظٍ منهم، وحقُّهم أن يُُتساهل فيهم، لكن كأنَّ للترمذي في هذا توسُّعًا ليس لغيره، ومن وصف الترمذي بالتساهل، فلعلَّه أراد هذا، والله أعلم.
على أنَّه لو صرخ بتوثيقه صراخًا، مع ما قال غيره، لم يرتفع به عن الضَّعف، كيفُ وهو إنَّما يُحسِّن لهُ تحسينًا، ولم يصحِّح له فيما نقل الشيخ؟
وقد تنكَّب كلُّ من صنّف الصحيح حديث علي بن زيد بن جُدعان، فلم يخرِّجوا له،
ومن أقوال النقاد فيه غير ما تقدم:
قال أبو حاتم: "ليس بقوي؛ يكتب حديثه ولا يحتج به، وهو أحب إلي من يزيد بن زياد"
وقال النسائي: "ضعيف" وقال ابن خزيمة: "لا أحتج به لسوء حفظه"
وقال ابن حبّان: "يهم ويخطىء فكثر ذلك منه فاستحق الترك"
¥