تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومثل ذلك قول الإمام أحمد الذي ذكره المصنف قال: (نؤمن بها ونصدق بها لا كيف ولا معنى) ويقصد بقول ولا معنى في كلام أحمد: أي المعنى الباطل وهو التأويل في اصطلاح المتأخرين، وهو صرف اللفظ عن معنى راجح إلى معنى مرجوح، ومما يدل على ذلك ما نقله الذهبي في سير أعلام النبلاء لما ترجم للخطيب البغدادي ذكر عقيدة الخطيب الموافقة لمذهب السلف إلى أن قال: " كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ... إلى أن قال: فإذا قلنا: إن للَّه يد وسمع وبصر، فإنما هي صفات أثبتها اللَّه لنفسه، فلا نقول أن معنى اليد القدرة ولا نقول السمع والبصر العلم. والشاهد قوله ولا نقول أن معنى اليد القدرة، فجعل تسمية اليد بالقدرة معنى، فأصبح باصطلاحهم إذا نفوا المعنى في صفات اللَّه يكون المقصود به شيئان

1 - نفي الكيفية أي لا تكييف.

2 - نفي المعنى الباطل وهو التأويل.

ومن قال إن اليد هي القدرة فقد جعل لها معنى. هذا إذا أطلقت كلمة معنى. أما إذا قال: " لا كيفية ولا معنى " فجمع بين المعنى والكيفية كما فعل الإمام أحمد فيحمل المعنى على التأويل الباطل.

وبذلك نكون قد انتصرنا لقول المؤلف وأنه كلام سليم على اصطلاحهم وأنه موجود في كلام السلف نفي المعنى بل موجود في كلام السلف نفي التفسير فيقولون ولا نفسرها. كما نقل الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي عبيد القاسم بن سلام قال أبو عبيد: وقال عبد العزيز الماجشون في رسالته في الرد على الجهمية ونقلها ابن تيمية في الحموية، قال في المقدمة بعدما حمد اللَّه وأثناء عليه قال: وكلّت الألسن عن تفسير صفته، فمعنى نفي التفسير في كلام السلف أي نفي الكيفية أو التأويل الباطل مثل كلمة نفي المعنى.

ومثله أسلوب درج عليه السلف في آيات الصفات أمِرّوها كما جاءت، أي لا تكيفوا ولا تذكروا معنى باطل. لكن إذا مرت هذه العبارات في كلام السلف فالأولى أن نوضح معناها ونفسره كما هو اعتقاد السلف، لا أن ننتقدهم على هذه الألفاظ ونخطئهم بها وهو أسلوب دارج عندهم ويرحم الله الجميع.

مسألة:

قول المصنف (وما أشكل من ذلك .. ) وقع خلاف في تفسير معنى كلام المصنف، وماذا يقصد بالإشكال، على ثلاثة أقسام:

1 - منهم من فسر كلام المصنف أي مشكل باعتبار بعض الصفات، وقالوا أن هناك بعض الصفات قد تكون مشكلة مثل صفة النزول والاستواء والصورة، من حيث الإشكالات التي تأتي على هذه الصفات مثل قولهم عند إثبات النزول هل يخلو منه العرش؟، وإذا كان مستوٍ على العرش هل هو أكبر منه أم مساوٍ له، وقالوا: إن المصنف يقصد هذا وقالوا أن الصفات المشكلة يجب إثباتها لفظاً دون التعرض لمعناها.

2 - ومنهم من قال إنه مشكل باعتبار الأشخاص وإن الإشكال أمر نسبي حسب علم الشخص وجهله وما كان مشكل عند شخص قد لا يكون مشكلا عند آخر، والواجب على من أشكل عليه لقصور فهمه أو علمه وجب إثباته لفظاً وترك التعرض لمعناه.

3 - أن المقصود بالإشكال عند المصنف الكيفية بالصفات فلا نتعرض لمعنى الكيفية، وإنما نثبت الألفاظ.

وهذا القول هو الراجح لأنه هو مقصود المصنف كما وضحنا ذلك في شرحنا لآية {وما يعلم تأويله إلا اللَّه}، وأما القولان السابقان فهما صحيحان باعتبار المعنى لكن المصنف ما أراد ذلك.


(سورة آل عمران: 7.
() سورة آل عمران: 7.
() آل عمران: 7.
() يوسف: 100.
() الأعراف: 53.
() يونس: 39.
() ذكره في أضواء البيان في تفسير سورة آل عمران ص211.

ـ[أبو تقي]ــــــــ[10 - 02 - 04, 04:55 م]ـ
بارك الله فيكم وشكرا على هذا الحوار الراقي المفيد.

لقد توقفت عند كلام لابن قدامة رحمه الله في رسالة تحريم النظر في كتب الكلام، يحتاج الى توضيح.

قال: ولا خلاف بين اهل النقل سنيهم وبدعيهم في ان مذهب السلف في صفات الله سبحانه وتعالى الاقرار بها والامرار لها والتسليم والقبول لقائلها وترك التعرض لتفسيرها، بذلك جائت الاخبار عنهم مجملة ومفصلة.

وقال وإن عاب السكوت عن التفسير اخطأ. فاننا لا نعلم لها تفسيرا، ومن لم يعلم شيئا وجب عليه السكوت عنه وحٌرم عليه الكلام فيه. قال الله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) وذكر الله تعالى في المحرمات: (وان تقولوا على الله ما لا تعلمون). واذا فعلنا ما اوجب الله تبارك وتعالى علينا وتركنا ما حرمه فلا وجه لعيبنا به، وانما العيب على من خالف ذلك وعابه.
وايضا فان عائب هذه المقالة عائب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فان كان يؤمن بالله وكلماته ولم يفسر شيئا من ذلك ولا بين معناه. ومن عاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بفليس بمؤمن به ومن عاب على رسول الله فهو المخطيء الاثم المعيب المذموم. ثم العائب لها عائب على الراسخين الذين اثنى الله تعالى عليهم والامر الذي مدحهم الله به ومن التسليم والايمان.

وقال لا نزيدك على الفاظها زيادة تفيد معنى، بل قراءتها وتفسيرها من غير معنى بعينه ولا تفسير بنفسه ولكن قد علمنا ان لها معنى في الجملة يعلمه المتكلم به فنحن نؤمن بها لذلك المعنى. ومن كان كذلك فكيف يسال عن معنى وهو يقول لا اعلمه؟

وقال لا حاجة لنا الى علم معنى ما اراد الله تعالى من صفاته عز وجل، فانه لا يراد منها عمل ولا يتعلق بها تكليف سوى الايمان بها ويمكن الايمان بها من غير علم معناها فان الايمان بالجهل صحيح.

وقال وان عيب علينا السكوت فليس السكوت بقول ولا ينسب الى ساكت قول!

فهل ما ذكره هنا ينطبق على مذهب المفوضة ام لا؟
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير