تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[معالم منهج المتأخرين في " التوحيد ".]

ـ[محب العلم]ــــــــ[14 - 03 - 03, 01:00 ص]ـ

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد:

فهذه مسائل جمعتها في الذهن وأحببت أن يكون لها وجود في الخارج لينظر فيها الفوقة من طلبة العلم الشريف في هذا الملتقى المبارك فتكون محلاً لمذاكرة يستخرج فيها أهلها من بين فرث الإرجاء ودم الخروج علما نافعا مباركا للطالبين.

وموضوعها وقطب رحاها هو التوحيد وإثبات تباين المشتغلين بالعلوم- من المنسبين له- في فهمه.

فإن الخلل الذي دخل على العلوم عند المتأخرين قد تعدّى علوم الآلة إلى غيرها من مباحث المقاصد

ولست أقصد بالمتأخرين هنا أتباع عمرو بن لحي وداود بن جرجيس ولا أنصار جهم بن صفوان والجعد بن درهم، وإنما أقصد فضلاء المشتغلين بالعلم من المنتسبين للسنة أصلا، وسفهاء المتكلمين في هذه المسائل –بغير علم – تبعا.

المسألة الأولى: العذر بالجهل.

فالمتأخرون يعذرون بالجهل في مسائل التوحيد مطلقا، ولافرق عندهم بين المسائل الظاهرة والخفية، ولابين الجاهل القادر على التعلم والجاهل العاجز عنه، ولابين الجاهل العاجز عن التعلم وهو راغب فيه، و العاجز عن التعلم المعرض عنه.

وأما المتقدّمون فالمسائل المكفرة التي تتعلّق بأفعال المكلفين عندهم نوعان:

النوع الأول: مسائل ظاهرة، كالشرك الأكبر بجميع أنواعه ومن أظهرها دعاء غير الله ومثله سب الله تعالى أو الإستهزاء بدينه، والمسائل المعلومة من الدين بالضرورة كوجوب الصلوات الحمس والزكاة والصيام والحج وتحريم الفواحش كالزنا والخمر.

فمن وقع في شئ من هذه الأمور فإنه عندهم كافر بعينه كفرا أكبر ويحكم عليه بناء على ظاهر حاله وهو الكفر.

ولايعذرون أحدا وقع في شئ من هذه المكفرات بالجهل إلا في ثلاث حالات:

الحالة الأولى: من نشأ في بادية بعيدة عن دار الإسلام.

الحالة الثانية: من نشأ في دار كفر لاتبلغ الدعوة مثله فيها.

الحالة الثالثة: من كان حديث عهد بالإسلام.

فأصحاب هذه الحالات الثلاث يدفع عنهم الجهل مايلي:

أولاً-إباحة المال والدم قبل إقامة الحجة عليهم.

ثانياً-الجزم بدخول النار بعد موتهم إذ حكمهم حكم أهل الفترة عند من يثبتها.

ولايدفع الجهل عنهم =اسم الشرك –باعتبار وقوعهم فيه، فيطلق اسم الشرك عليهم ويرتفع عنهم اسم الكفر واسم الإسلام، كما يطلق على من زنا جهلا منه = اسم الزنا باعتبار وقوعه فيه، ويرتفع عنه اسم الفسق المرتب على الزنا لأجل عارض الجهل.

وقد نقل الإجماع على عدم العذر بالجهل في هذه المسائل جماعة منهم:

ابن جرير الطبري كما في كتابه " التبصير بمعالم الدين "، وإسحاق بن عبدالرحمن كما في رسالته " حكم تكفير المعيّن "، وعبدالله أبابطين في رسالته " الإنتصار" وغيرهم.

النوع الثاني: مسائل خفيّة: كإنكار بعض الصفات التي وقع فيها النزاع بين أهل السنة وغيرهم –بخلاف الصفات التي هي من لوازم الربوبية كمطلق القدرة والعلم فهذه من المسائل الظاهرة.

وكمسائل الفروع غير المشتهرة علما عند العامة، وليست من المعلوم من الدين بالضرورة وكالمسائل التي تقع فيها الفرق المخالفة للسنة في القدر والإيمان وغيرها مما يخفى مأخذه.

فمن وقع في أفعال الكفر التي يخفى كونها كفرا في حالات مخصوصة فإنه يعذر بجهله ولايطلق عليه اسم الكفر بمجرد وقوعه فيها مالم يكن قادرا على التعلم مفرطا فيه فإنه يكفر، وهو الذي يسمّى " كفر الإعراض "

وأما من كان عاجزا عن التعلم فإن له حالان:

الحال الأولى: أن يكون راغبا في رفع الجهل عن نفسه.، فهذا هو المقصود بالعذر بالجهل في هذه الحالة أصلا.

الحال. الثانية: أن يكون غير راغب في رفع الجهل عن نفسه فهذا في كفره قولان حكاهما أبو عبدالله ابن القيم في النونية، وتوقف في أصحابها.

وينظر في إثبات الفرق بين المسائل الظاهرة والخفية:

شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري (ص207) ط. بيروت

والرسالة للشافعي (357) ط. أحمد شاكر

والفروق للقرافي (2/ 149) ط. بيروت

ومجموع الفتاوى (4/ 54)

ومجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب (7/ 159 - 160) قسم الرسائل الشخصية، ط. الجامعة.

وللشيخ عبدالله أبابطين رحمه الله رسالة مستقلة في مسألة العذر بالجهل انظرها في الدرر: (10/ 355).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير