تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فوائد منتقاة من (منهاج السنة) للإمام ابن تيمية]

ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[08 - 09 - 03, 12:22 م]ـ

الحمد لله حق حمده، فقد من الله علي بإتمام قراءة كتاب (منهاج السنة النبوية) للشيخ الإمام ابن تيمية رحمه الله، وكان الانتهاء منه ليلة السبت 16/ 5/1417 من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد استخرجت منه فوائد متنوعة، فأحببت أن أفيد بها الإخوة، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها ويجعلها خالصة لوجهه، ومما شجعني على ذلك وجود الكتاب كاملا على الوورد في خزانة الأبحاث، وقد وضعه الأخ عبدالجبار جزاه الله خيرا وهو على هذا الرابط

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=10902

ولعلي أذكر الفوائد منوعة على غير ترتيب الفنون أو المجلدات.

ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[08 - 09 - 03, 12:36 م]ـ

المنهاج (8/ 53 - 55)

والجواب أن يقال لا ريب أن عليا كان من أخطب الصحابة وكان أبو بكر خطيبا وعمر خطيبا وكان ثابت بن قيس بن شماس خطيبا معروفا بأنه خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان حسان ابن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة شعراءه ولكن كان أبو بكر يخطب عن النبي صلى الله عليه وسلم في حضوره وغيبته فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج في الموسم يدعو الناس إلى الإسلام وأبو بكر معه يخطب معه ويبين بخطابه ما يدعو الناس إلى متابعة النبي صلى الله عليه وسلم ونبي الله ساكت يقره على ما يقول

وكان كلامه تمهيدا وتوطئة لما يبلغه الرسول معونة له لا تقدما بين يدي الله ورسوله كما كان ثابت بن قيس بن شماس يخطب أحيانا عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان يسمى خطيب رسول الله

وكان عمر من أخطب الناس وأبو بكر أخطب منه يعترف له عمر بذلك وهو الذي خطب المسلمين وكشف لهم عن موت النبي صلى الله عليه وسلم وثبت الإيمان في قلوب المسلمين حتى لا يضطرب الناس لعظيم المصيبة التي نزلت بهم

ولما قدم هو وأبو بكر مهاجرين إلى المدينة قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام أبو بكر يخاطب الناس عنه حتى ظن من لم يعرفهما أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن عرف بعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القاعد

وكان يخرج معه إلى الوفود فيخاطب الوفود وكان يخاطبهم في مغيبه ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو الذي خطب الناس

وخطب يوم السقيفة خطبة بليغة انتفع بها الحاضرون كلهم حتى قال عمر كنت قد زورت في نفسي مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه فتكلم أبو بكر وكان أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة اعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها

وقال أنس خطبنا أبو بكر رضي الله عنه ونحن كالثعالب فما زال يثبتنا حتى صرنا كالأسود

وكان زياد بن أبيه من أخطب الناس وأبلغهم حتى قال الشعبي ما تكلم أحد فأحسن إلا تمنيت أن يسكت خشية أن يزيد فيسيء إلا زيادا كان كلما أطال أجاد أو كما قال وقد كتب الناس خطب زياد

وكان معاوية خطيبا

وكانت عائشة من أخطب الناس حتى قال الأحنف بن قيس سمعت خطبة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي فما سمعت الكلام من مخلوق أفحم ولا أحسن من عائشة

وكان الخطباء الفصحاء كثيرين في العرب قبل الإسلام وبعده وجماهير هؤلاء لم يأخذوا عن علي شيئا فقول القائل إنه منبع علم الفصاحة كذب بين ولو لم يكن إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أخطب منه وأفصح ولم يأخذ منه شيئا

وليست الفصاحة التشدق في الكلام والتقعير في الكلام ولا سجع الكلام ولا كان في خطبة علي ولا سائر خطباء العرب من الصحابة وغيرهم تكلف الأسجاع ولا تكلف التحسين الذي يعود إلى مجرد اللفظ الذي يسمى علم البديع كما يفعله المتأخرون من أصحاب الخطب والرسائل والشعر وما يوجد في القرآن من مثل قوله (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) سورة الكهف و (إن ربهم بهم) سورة العاديات ونحو ذلك فلم يتكلف لأجل التجانس بل هذا تابع غير مقصود بالقصد الأول

كما يوجد في القرآن من أوزان الشعر ولم يقصد به الشعر كقوله تعالى (وجفان كالجواب وقدور راسيات) سورة سبأ

وقوله (نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم) سورة الحجر (ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك) سورة الشرح ونحو ذلك

وإنما البلاغة المأمور بها في مثل قوله تعالى (وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا) سورة النساء هي علم المعاني والبيان فيذكر من المعاني ما هو أكمل مناسبة للمطلوب ويذكر من الألفاظ ما هو أكمل في بيان تلك المعاني

فالبلاغة بلوغ غاية المطلوب أو غاية الممكن من المعاني بأتم ما يكون من البيان فيجمع صاحبها بين

1) تكميل المعاني المقصودة

2) وبين تبيينها بأحسن وجه

ومن الناس من تكون همته إلى المعاني ولا يوفيها حقها من الألفاظ المبينة

ومن الناس من يكون مبينا لما في نفسه من المعاني لكن لا تكون تلك المعاني محصلة للمقصود المطلوب في ذلك المقام فالمخبر مقصودة تحقيق المخبر به فإذا بينه وبين ما يحقق ثبوته لم يكن بمنزلة الذي لا يحقق ما يخبر به أو لا يبين ما يعلم به ثبوته والأمر مقصودة تحصيل الحكمة المطلوبة فمن أمر ولم يحكم ما أمر به أو لم يبين الحكمة في ذلك لم يكن بمنزلة الذي أمر بما هو حكمة وبين وجه الحكمة فيه

وأما تكلف الأسجاع والأوزان والجناس والتطبيق ونحو ذلك مما تكلفه متأخروا الشعراء والخطباء والمترسلين والوعاظ فهذا لم يكن من دأب خطباء الصحابة والتابعين والفصحاء منهم ولا كان ذلك مما يهتم به العرب وغالب من يعتمد ذلك يزخرف اللفظ بغير فائدة مطلوبة من المعاني كالمجاهد الذي يزخرف السلاح وهو جبان

ولهذا يوجد الشاعر كلما أمعن في المدح والهجو خرج في ذلك إلى الإفراط في الكذب يستعين يالتخيلات والتمثيلات) انتهى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير