تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الرقى الشرعية ووسائلها هل هي توقيفية أم اجتهادية.]

ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[08 - 08 - 03, 06:33 ص]ـ

الرقى الشرعية ووسائلها هل هي توقيفية أم اجتهادية. 6/ 6/1424هـ

الشيخ: عبدالله بن صالح العبيد

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وآله وصحبه والتابعين.

أما بعد:

فهذا بحث موجز في مسألة مهمة، طرحت في الساحة العلمية، واختلف فيها الناس بين المنع والإباحة، وهي: "الرقية الشرعية ووسائلها توقيفية أم اجتهادية؟ " ولما لم أر بحثاً خاصاً في هذا استعنت الله وشرعت في جمع مادته.

وقد جعلته في مبحثين:

المبحث الأول: تعريف الرقية وحكمها.

المبحث الثاني: هل الرقى ووسائلها توقيفية أم اجتهادية؟

المبحث الأول: تعريف الرقية وحكمها

وفيه مسألتان:

الأولى: تعريف الرقية:

لغة: هي: العُوْذة، وجمعها رُقى، يقال: رَقَى الراقي رَقْياً ورُقْيَةً ورُقِيًّا، إذا عوّذ ونفث في عُوْذته (1).

واصطلاحاً: الرقية: العوذة التي يُرْقى بها صاحب الآفة (2).

الثانية: حكم الرقية:

الرقية من التداوي، والتداوي في الأصل مشروع (3).

لما روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن جبريل أتى النبي _صلى الله عليه وسلم_ فقال: يا محمد أشتكيتَ؟ فقال: نعم. فقال جبريل: "باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفسٍ أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك" (4).

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "ما أنزل الله من داءٍ إلا أنزل له شفاء" رواه البخاري (5).

ولمسلم عن جابر أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال: "لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء بَرِئ _بإذن الله عز وجل_" (6).

وأما ما رواه الشيخان من حديث ابن عباس في قصة السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب، قال النبي _صلى الله عليه وسلم_: "هم الذين لا يتطيرون ولا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون" (7).

فقد أجاب العلماء عنه بأجوبة أجودها: أنهم قوم وثقوا بالله وتوكلوا عليه حق التوكل، فلشدة توكلهم لم يأبهوا لطب الأطباء ورقى الرقاة، وإن كان تعاطي هذه الأسباب غير قادح في التوكل؛ لثبوت جواز فعل ذلك في الأحاديث الصحيحة وفعل سادة الصحابة والتابعين لهم بإحسان (8).

المبحث الثاني: هل الرقى ووسائلها توقيفية أم اجتهادية؟

وقع الخلاف بين أهل العلم هل الرقى ووسائلها توقيف من الشارع أم أن الأصل الاجتهاد والتجربة فيها وفي كيفياتها ما لم تخرج إلى المحظور؟

ولنقرب المسألة ببعض الأمثلة:

المثال الأول: لو كتب راقٍ بعض القرآن أو كله في ورقة بزعفران ونحوه ثم أعطاها المريض ليبلّها بالماء ثم يشربها، فإن ذلك لم يصح عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ (9)، فما حكمه؟

المثال الثاني: القراءة التخييلية، وهي أن يقرأ الراقي على المريض القرآن، ويقول له: في أثناء قراءتي اذكر أسماء من يرد في خاطرك – والراقي ممسك بأحد عروق مفصل اليد – فيرد بين الفينة والأخرى أسماء وأشكال أشخاص يعرفهم المريض، فيقول الراقي: هؤلاء أصابوك بعينٍ أو غير ذلك، وقد استعمل هذا النوع غير واحد من الرقاة عندنا فانتفع بذلك، وهذا أيضاً لم يؤثر عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ على هذا الوجه ولا عن السلف، فما تتبعته بشدة.

المثال الثالث: رقية الكافر للمسلم، وقد جوزها الشافعي وجماعة (10)، وكرهها مالك (11)، وقال أبو بكر لليهودية التي ترقي عائشة: "ارقيها بكتاب الله" (12).

المثال الرابع: الرقية بالأذكار التي ليست من الكتاب والسنة، والكلام الإنشائي الرصين العبارة مما يباح _إن انتفع به_ هل يشرع؟

فالأمثلة الثلاثة الأول للوسائل، والرابع للرقية نفسها، وينبغي أن يكون الكلام فيها واحداً.

ولم أر أحداً من الأئمة نصّ على هذه المسألة بعينها فيما فتّشته، والسبب في ذلك ماأخبرتك أن تعلق السلف بالكتاب والسنة كان سداً منيعاً أمام العلل والحوادث وحرصهم على عدم تعدي المنقول، ومع ذلك فقد أشارت النصوص إلى شيء من ذلك، وأومأ بعض المحققين إليه، وسأذكر ما وقفت عليه _إن شاء الله_ وقبل بيان مأخذ المسألة وتفصيليها:

اعلم أن الرقية لو كان فيها محرم أو شرك فالإجماع قائم – في الجملة – على المنع.

والذي يستدل به لمن قال بالتوقيف أمور ثلاثة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير