تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[شبهة أثيرت حول المحكم والمتشابه؟]

ـ[السيف الصقيل]ــــــــ[11 - 06 - 03, 10:21 م]ـ

يقول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (آل عمران:7)

عندي إشكال في هذه الآية، فإن الله قد ذكر المحكم والمتشابه في كتابه، ولكنّه لم يبيّن آيات بعينها وسمّاها المحكمة ثم ذكر غيرها وعدّها من المتشابه، وقد يختلف إثنان في مسألة عقديّة أو فقهيّة، فيعد أحدهما ما لديه من آيات وأدلّة أنها المحكمة، وما لدى خصمه من الآيات والأدلّة متشابه، وعليه أن يردّها إلى المحكم ويرجعها إليه، ولكنّ خصمه يرى الأمور بالعكس تماما، فيرى أن ما لديه محكم وما لدى الآخر متشابه، ويقوم بسرد حجج خصمه تحت بند! شبهات الخصوم، فيما أن ما كان من جهته حججا ومحكمات لا تقبل الجدال؟

وسؤالي من يحدد المحكم من المتشابه، ومن المخوّل بتمييز هذا من هذا، هل تركها الله تعالى للبشر من علماء وفقهاء على اختلاف مللهم وطوائفهم ونحلهم وأهوائهم، أم ماذا؟

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 06 - 03, 02:33 ص]ـ

الأخ الفاضل سلمه الله

الآيات المحكمات هنّ أمّ الكتاب وهي أكثر الكتاب، لأن أمّ الشيء مرجعه، فأكثر الآيات التي تقرر مسألة معينة هي المحكمة وهي لاتحتمل إلا معنى واحدا، وأما المتشابه فإنه يحتمل عدة معان، منها المعنى الصحيح ومنها معاني غير صحيحة، جعلها الله إبتلاء للناس، فيعمد أهل الزيع إلى اتباع هذا المعنى الباطل من الآية المحتملة لعدة معان، ويرد بها جميع الآيات والأدلة الصريحة التي لاتحتمل إلا معنى واحدا

مثال1:

بين الله سبحانه وتعالى لنا في كتابه علوه على خلقه بأدلة كثيرة، منها

قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى)

وقوله تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب)

و قوله تعالى (أأمنتم من في السماء)

وغيرها من الأدلة الكثيرة تجدها فيما ذكره أهل العلم في كتب العقيدة مثل ابن القيم في كتاب (اجتماع الجيوس الإسلامية) والذهبي في كتاب العلو وغيرهما

فهذا الأمر- علو الله على خلقه - محكم في كتاب الله دلت عليه النصوص المتكاثرة من كتاب الله، مع ما ورد من الأدلة من السنة النبوية، وكذلك إجماع السلف عليه

ولكن بعض الذين في قلوبهم زيغ يستدلون بقول الله تعالى (وهو معكم أينما كنتم) عى أن الله في كل مكان

وهذا القول باطل ومنكر ومخالف للكتاب والسنة، وكان استلالهم بقوله تعالى (معكم) وقالوا أن معناها أنه مع الناس في كل مكان!

فيجاب عنهم بأن (مع) لها عدة معاني فتأتي بمعنى المصاحبة كقول القائل (سرت مع القمر) أي مصاحبا للقمر، وتأتي بمعنى المناصرة، كقول الرجل للرجل أنا معك وإن كان بعيدا عنه يقصد مناصرا لك ومؤيدا لك، وتأتي بمعنى الامتزاج مثلما نقول (اللبن مع الماء) وغير ذلك من المعاني لمع

فكوننا نحدد معناها بأحد هذه المعاني بدون دليل يعتبر تحكما، فلابد لنا من البحث عن قرائن خارجية نؤيد بها أحد المعاني المقصودة لمع في هذه الآية

فسبيل الراسخين في العلم أن يردوا المتشابه إلى المحكم، فيقال إن الآيات المحكمة التي لاتحتمل إلا معنى واحدا ودلت كذلك السنة وإجماع السلف على علو الله، وهذه الآية (وهو معكم أينما كتنتم) محتملة لعدة معان، فنردها إلى المحكم ونفسرها بما جاء فيها من علو الله، ويكون معنى الآية على هذا أن المعية هنا المقصود بها العلم، أي وهو معكم بعلمه.

يتبع المثال الثاني بإذن الله تعالى

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 06 - 03, 03:09 ص]ـ

المثال الثاني:

ثبت في الصحيحن وغيرها عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لعن الله اليهود وانصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ((قالت عائشة)) يحذر ما صنعوا.

وقد استدل الغماري في كتابه (إحياء المقبور بجواز اتخاذ المساجد على القبور) وغيره بآية في كتاب الله وهي قوله تعالى (قال الذين غلبوا عى أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا)

وهذه الآية اختلف أهل العلم في تفسيرها فقال الأكثر الذين غلبوا هم الأمراء، وقال بعضهم الذين غلبوا على أمرهم هم العلماء وهو قول مرجوح

فاستدل الغماري بهذا على جواز بناء المساجد على القبور، وترك الأدلة المحكمة الصريحة، وأدعى أن حديث عائشة رضي الله عنها الذي في الصحيحين شاذ، وهذا هو الزيغ الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في قوله (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله)

فالآية الصحيح فيهم أن الأمراء هم الغالبين على الأمر

وعلى فرض أنهم العلماء فيقال إن هذا كان في شريعتهم، وهو مخالف لشرعنا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير