تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كان مشركوا العرب واقعين في الشرك في أنواع التوحيد الثلاثة (تصحيحٌ لخطأ مشهور).

ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[18 - 01 - 03, 11:08 م]ـ

• الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرلين وعلى آله وصحبه

جمعين ... أما بعد

• فمن الأمور الذائعة المشهورة بين كثير من طلبة العلم أنَّ مشركي العرب إنما كان شركهم في توحيد الألوهية حسبُ، وأما توحيد الربوبية والأسماء والصفات فكانوا موحدين فيهما.

• وهذا الأمر على إطلاقه هكذا غير صحيح لدلالة نصوص الكتاب والسنة على خلافه.

• فقد دلَّت دلائل الكتاب والسنة على أنَّ مشركي العرب (وقريش منهم خاصة) كانوا واقعين في جملٍ من شرك الربوبية والأسماء والصفات.

• والموضوع فيه شيءٌ من البسط؛ ولعلِّي أشير ههنا إلى نبذٍ مختصرةٍ تكون جامعةً لشمله، وافيةً بمقصوده.

• أما سبب الوهم الذي يتداوله كثير من المبتدئين وبعض الخاصة في هذا الأمر فلعلَّ أصله ما ذكره الشيخ الإمام المجدِّد: محمد بن عبدالوهاب رحمه الله = في بعض كتبه، ومنها كشف الشبهات , من قضايا، كان فيها شيءٌ من الإجمال؛ منها:

1 - ما ذكره من: أنَّ مشركي العرب أحسن حالاً من مشركي زمانه رحمه الله وزماننا أيضاً؛ وذلك لأنهم كانوا يدعون الله سبحانه وتعالى وحده في الضراء بعد أن كانوا يشركون معه غيره في السرَّاء، ولهذا شواهد من الكتاب والسنة؛ كقوله تعالى: ((وإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البَرِّ إذا هم يشركون))، وأما مشركو زمانه وهذا الزمان فإنهم يدعون البدوي أو عبدالقادر أو غيرهما حتى وقت الشدة.

2 - ما ذكره من: أنَّ المشركين كانوا مقرِّين لله بربوبيته وأفعاله، موحدين إياه فيها؛ ولذها شواهد منها: قوله تعالى: ((ولئن سألتهم من خلقهم ليقولنَّ الله فأنى يؤفكون)) وكقوله تعالى: ((ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماءً))، وغيرها من الآيات.

• قال أبو عمر: وهاتان القضيتان صحيحتان في الجملة؛ لكن كان في المشركين (نوع) شركٍ في الربوبية، والأسماء والصفات؛ كما كان عندهم نوع شرك في توحيد الألوهية.

• وبيان هذا في النقاط التالية:

1 - النقطة الأولى: أنَّ مشركي العرب ما كانوا يوحِّدون العبادة كلها لأصنامهم؛ بل كانت لهم عبادات لله تعالى؛ كالذبح والنذر والصلاة والحج والصوم والإطعام و ... و ...

• لكنَّ شركهم الذي كفروا به إنما كان في (إشراكهم غير الله) فيما هو من خصائص الله تعالى؛ وذلك بصرف شيءٍ من أنواع العبادة لغيره.

• كالذبح لله ولغيره، ودعاء الله ودعاء غيره، ورجاء الله ورجاء غيره، والخوف من الله والخوف من غيره ومحبة الله ومحبة غيره، و ... و ... الخ.

• أما أنهم كانوا متمحِّضين في الوثنية فهذا لم يكن؛ كحال كثير من أمم الكفر الغارقة في الوثنية؛ كطوائف من الهندوس، وأشتات من وثنني أفريقيا وأدغال الأمازون و ... الخ.

• فهذه الأمم – فيما يحكى عنهم - تتوجَّه بالعبادة كلها إلى غير الله، وكثير منهم لا يعرف أنَّ له إلهاً في السماء أصالةً.

• إذا تبيَّن هذا عُلِمَ أنَّ مشركي العرب كانوا يشركون بأفرادٍ من توحيد الألوهية، وهو: توحيد الله بأفعال العباد، ولم يكونوا مشركين بصرف العبادة (كلها) لغير الله سبحانه وتعالى.


2 - النقطة الثانية: أنَّ مشركي العرب مع توحيدهم الله وإقرارهم له سبحانه في (أصل) توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية إلاَّ أنهم كانوا واقعين في (أفراد) من الشرك في هذين التوحيدين أيضاً.
• قال أبو عمر: وشواهد هذا الأمر في الكتاب والسنة كثيرة:
• أما ما كان في شرك العرب في توحيد الأسماء والصفات فقوله تعالى: ((ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه)).
• وقوله تعالى: ((قل ادعو الله او ادعو الرحمن أيَّناً ما تدعو فله الأسماء الحسنى)).
• وقوله تعالى: ((وهم يكفرون بالرحمن هو ربي لا إله لاَّ هو عليه توكلت وإليه متاب)).
• والشاهد من هذه الآيات الثلاثة: أنَّ المشركين كانوا لا يقرُّون ببعض أسماء الله تعالى؛ كالرحمن.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير