بين الإمامينِ البَرْبَهَاري وأَبي الحسنِ الأشعري
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[21 - 08 - 03, 11:57 م]ـ
http://alsaha.fares.net/[email protected]@.1dd4308a
ـ[مركز السنة النبوية]ــــــــ[22 - 08 - 03, 03:29 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ ...
وتكرم بإفادتي: هل الطبعة الجديدة الثالثة بهذا الكتاب (شرح السنة للبربهاري) هل هي تصوير عن الثانية ط (دار السلف) أم زاد فيها الشيخ خالد الردادي شيئا؟
===================
وللفائدة، قد أحضرت مقالتكم هنا للتيسير:
==================
الحمدُ للهِ وبعد؛
إن من الأمورِ المهمةِ عند ذكرِ ترجمةِ أو سيرةِ إمامٍ من أئمةٍ أهلِ السنةِ نقدَ القصصِ التي تنسبُ إليه، وعرضها على ميزانِ النقدِ العلمي، ولذا اعتنى أهلُ التراجمِ والسيرِ من أمثالِ الإمامِ الذهبي وغيرِهِ إلى الإشارةِ إلى ذلك، فلا تكادُ تقرأُ لسيرةِ أو ترجمةِ عالمٍ أو إمامٍ إلا وتجدهم يفندون ما لا يصحُ عنه من القصصِ أو المقولاتِ.
ومما يذكرُ في هذا البابِ، قصةٌ جرت بين بين الإمامينِ البَرْبَهَاري وأَبي الحسنِ الأشعري كانت سبباً لتأليفِ كتابِ " الإبانةِ " لأبي الحسن الأشعري - رحم اللهُ الجميعَ -، وقد انبرى النقادُ من أهلِ العلمِ لبيانِ كذبِ هذه القصة، وممن أشار إلى زيفها وعدمِ ثبوتها الشيخُ خالدُ بنُ قاسم الردادي في تحقيقهِ لـ " شرحِ السنةِ " لأبي محمد الحسنِ بنِ علي البربهاري، وسأنقلُ ما قالهُ الشيخُ خالد في بيانِ حالِ القصةِ.
قال الشيخُ خالد في (ص23) من تحقيق " شرحِ السنةِ " [ط. الثالة. 1421هـ]:
تنبيهانِ هامانِ:
1 - جاء في ترجمةِ البربهاري - عند بعض من ترجموا له - أن أبا الحسن الأشعري لما دخل بغداد جاء إليه البربهاري، فجعل يقول: رددتُ على الجُبائي، وعلى أبي هاشم، ونقضتُ عليهم وعلى اليهود والنصارى والمجوس، وقلتُ لهم، وقالوا، وأكثر الكلام في ذلك. فلما سكت؛ قال له البربهاري: ما أدري مما قلت قليلا ولا كثيراً، ولا نعرف إلا ما قاله أبو عبد الله أحمد بن حنبل. فخرج الأشعري من عنده وصنف كتاب " الإبانة "، فلم يقبله منه، ولم يظهر ببغداد إلى أن خرج منها.
ولي مع هذه الحكاية وقفات:
الأولى: في تخريجها وبيان مصدرها، فقد أخرجها أبو علي الأهوازي في كتابه الذي صنفه في ثلب الأشعري، وعنه ابن أبي يعلى في " طبقات الحنابلة " (2/ 18): " قرأت على علي القرشي، عن الحسن الأهوازي؛ قال: سمعت أبا عبد الله الحمراني ... " فذكرها.
والثانية: مدار هذه القصة على أبي علي الحسن بن علي الأهوازي المقرىء، وهو ضعيف، اتّهم في لقاء بعض الشيوخ. [كما في " العبر " للذهبي (2/ 288) وانظر ترجمته في: " الميزان " (1/ 152)، و" اللسان " (2/ 237)، و" السير " (18/ 13)].
والثالثة: قال ابن عساكر في " تبين كذب المفتري " (ص 390 - 391): " وحكاية الأهوازي عن البربهاري مما يقع في صحته التماري، وأدل على بطلانه قوله: " إنه لم يظهر ببغداد إلى أن خرج منها "، وهو بعد إذ صار إليها ولم يفارقها ولا رحل عنها، فإن بها كانت منيته، وفيها قبره وتربته ... ".
ونقل شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ كلام ابن عساكر المتقدم وأقره عليه في " الفتاوى الكبرى " (5/ 285).
وأشار إلى ضعفها أيضا الذهبي في " السير " (5/ 90) حينما صدرها بقوله: " فقيل: إن الأشعري لما قدم بغداد ... "، وذكر الحكاية، وقال الذهبي أيضا في " السير " (15/ 89) في ترجمة الأشعري: " وقد ألف الأهوازي جزءاً في مثالب ابن أبي بشر - يعني: الأشعري -، فيه أكاذيب.
وجمع أبو القاسم - يعني: ابن عساكر - في مناقبه فوائد بعضها أيضا غير صحيح ... ".
ومما يتقدم يظهر جليا بطلان هذه الحكاية وعدم صحتها.ا. هـ.
ونصُ عبارةِ الإمامِ الذهبي في " السير ": فَقِيْلَ: إِنَّ الأَشْعَرِيَّ لَمَّا قَدِمَ بَغْدَادَ جَاءَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ البَرْبَهَارِيِّ، فجَعَلَ يَقُوْلُ: رددتُ عَلَى الجُبَّائِيّ، رددْتُ عَلَى المَجُوْس، وَعَلَى النَّصَارَى. فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لاَ أَدْرِي مَا تَقُولُ، وَلاَ نعرِفُ إِلاَّ مَا قَالَه الإِمَامُ أَحْمَد. فَخَرَجَ وَصَنَّفَ " الإِبَانَة " فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ.ا. هـ.
وقال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ: " وَلِهَذَا تَكَلَّمَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِر فِي أَبِي عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيِّ لَمَّا صَنَّفَ هَذَا مَثَالِبَ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَهَذَا مَنَاقِبَهُ وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ مِنْ السالمية فَنَسَبَهُمْ طَائِفَةٌ إلَى الْحُلُولِ ".ا. هـ.
وقال أيضاً: " وَكَذَلِكَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ لَهُ مُصَنَّفٌ فِي الصِّفَاتِ قَدْ جَمَعَ فِيهِ الْغَثَّ وَالسَّمِينَ ".ا. هـ.
وقال أيضاً: " وَلِهَذَا كَانَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ - الَّذِي صَنَّفَ مَثَالِبَ ابْنِ أَبِي بِشْرٍ وَرَدَّ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ عَسَاكِرَ - هُوَ مِنْ السالمية ".ا. هـ.
وقال أيضاً: " وَكَانَ " أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ " لَمَّا رَجَعَ عَنْ الِاعْتِزَالِ سَلَكَ طَرِيقَةَ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ كُلَّابٍ فَصَارَ طَائِفَةٌ يَنْتَسِبُونَ إلَى السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ مِنْ السالمية وَغَيْرِهِمْ كَأَبِي عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيِّ يَذْكُرُونَ فِي مَثَالِبِ أَبِي الْحَسَنِ أَشْيَاءَ هِيَ مِنْ افْتِرَاءِ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَشْعَرِيَّ بَيَّنَ مِنْ تَنَاقُضِ أَقْوَالِ الْمُعْتَزِلَةِ وَفَسَادَهَا مَا لَمْ يُبَيِّنْهُ غَيْرُهُ حَتَّى جَعَلَهُمْ فِي قَمْعِ السِّمْسِمَةِ ".ا. هـ.