تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ} فهؤلاء الذين يرسلهم بالوحي كما قال: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ}، وقال - تعالى -: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}، وقال - تعالى -: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا}، لكن الرسول المضاف إلى الله إذا قيل: رسول الله؛ فهم من يأتي برسالة الله من الملائكة والبشر، كما قال: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ}، {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ}.

وأما عموم الملائكة والرياح والجن؛ فإن إرسالها لتفعل فعلا، لا لتبلغ رسالة. قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}، فرسل الله الذين يبلغون عن الله أمره ونهيه هم رسل الله عند الإطلاق، وأما من أرسله الله ليفعل فعلاً بمشيئة الله وقدرته فهذا عام يتناول كل الخلق، كما أنهم كلهم يفعلون بمشيئته وإذنه المتضمن لمشيئته، لكن أهل الإيمان يفعلون بأمره ما يحبه ويرضاه ويعبدونه وحده ويطيعون رسله، والشياطين يفعلون بأهوائهم، وهم عاصون لأمره، متبعون لما يسخطه، وإن كانوا يفعلون بمشيئته وقدرته.) ا. هـ

"النبوات" (1/ 148).

(الرابع):

الرسول من أوحي إليه بشرع جديد، والنبي من بعث مجددا لشرع من قبله من الرسل.

قال الشيخ عمر الأشقر - حفظه الله -:

(النبي من بعث مجددًا لشرع من قبله من الرسل، والرسول من بعث بشرع جديد للأتي:

(الأول): أن الله نص على أنه أرسل الأنبياء كما أرسل الرسل؛ {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ} فإذا كان الفارق بينهما هو الأمر بالبلاغ؛ فإن الإرسال يقتضي من النبي الإبلاغ.

(الثاني): أن ترك البلاغ كتمان لوحي الله - تعالى -، والله لا ينزل وحيه ليكتم ويدفن في صدر واحد من الناس، ثم يموت هذا العلم بموته.

(الثالث): أن عوام بني إسرائيل أخذ عليهم الميثاق، فكيف بالأنبياء؟ قال - تعالى -: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} (آل عمران: 187).

(الرابع): ومن الأدلة القاطعة كذلك ما أخرجه البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا – قَالَ: خَرَجَ علينَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا فَقَالَ: عُرِضَتْ على الْأُمَمُ، فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلَانِ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ. (ب) فهذا النبي معه الرهط من أتباعه، فكيف يتبعوه لولا البلاغ؟!

(الخامس): أخرج البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي. (ج) قال الحافظ: (قوله: تسوسهم الأنبياء. أي: أنهم كانوا إذا ظهر فيهم فساد بعث الله لهم نبيًا لهم، يقيم أمرهم، ويزيل ما غيروا من أحكام التوراة). وقال - تعالى -: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ - وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة: 246 - 247)، عَلِمَ هذا النبي بأمر طالوت بالوحي، ثم بلّغ أمر ربه - جل وعلا -) ...

وراجع كتاب " الرسل والرسالات " للدكتور عمر سليمان الأشقر،

وكذا رسالة " الفرق بين النبي والرسول " للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن علي الهرفي؛ فهي رسالة قيمة في بابها، وقد نقلت منها جملا،،،

وقد رجح فيها أن:

(الرسول: من أرسل إلى قوم مخالفين أو كافرين، ويدعو الناس إلى شرعٍ معه، ويكذبه بعض قومه ويخاصمونه، وهو مأمور بالتبليغ والإنذار، وقد يكون معه كتاب - وهو الأقرب - وقد لا يكون، وقد يكون شرعه جديدا وقد يكون مكملا لشرع سابق، أي: فيه زيادة ونسخ.

أما النبي فهو: أوحي إليه، ويبعث في قوم مؤمنين، يحكم بشريعة سابقة له يدعو إليها ويحييها، وقد يؤمر بالتبليغ والإنذار، وقد يكون معه كتاب) انتهى صـ27.

........................................

(أ) رواه أبو داود (3641)، والترمذي (2682)، وابن ماجة (223) وغيرهم من حديث أبي الدرداء.

(ب) متفق عليه: رواه البخاري (5705)، ومسلم (220).

(ج) صحيح: رواه البخاري (3455).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير