تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - توحيد عملي وأحياناً يضاف عليه إيرادي طلبي أو قصدي.

قال الحفيد عبد الرحمن مرة 2/ 229 وهذا هو توحيد الإلهية، وتوحيد العبادة، وتوحيد القصد والإرادة اهـ

وهذا التقسيم لابن القيم ووافق المصنف عليه في بعض رسائله وجرى عليه أئمة الدعوة، ذكره ابن القيم في مدارج السالكين والعلمي الخبري يشمل توحيدين: الربوبية والأسماء والصفات وأما العملي فيقصد به الألوهية.

والمصنف رحمه الله أحيانا يختصر ويقول إن التوحيد ينقسم إلى قسمين: ربوبية وألوهية، ولا يذكر الأسماء والصفات اختصارا كما في الدرر 1/ 137 والتوحيد نوعان: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية اهـ

وهناك من قسم التوحيد تقسيما ثلاثيا إلى توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد أسماء وصفات وهذا هو المشهور. وأيهم أفضل؟ هذا أجاب عنه الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في أول كتاب التفسير: فقال يجوز هذا ويجوز هذا اهـ أي التقسيم الثنائي أو الثلاثي لأن المعنى صحيح ولا مشاحة في الاصطلاح. وهل يجوز أن تقول أن التوحيد رباعي التقسيم وتضيف توحيد الحاكمية.

يعنى إفراد الله بالحكم –والاهتمام بتوحيد الحاكمية وإفراده بالذكر لم يوجد إلا في القرون الأخيرة وهو في القرن الثالث عشر الهجري ولم يفرد إفرادا ظاهراً إلا عندما وضعت القوانين الوضعية فجاء من يتكلم به وأن الحكم لله، وإن كانت بداياته ظهرت في عصر ابن تيمية وابن كثير في ياسق التتار.

نقول هناك من له موقف خاص لمن يتكلم عن توحيد الحاكمية وهو مبنى على انتقاد تيار معين (تيار الصحوة) أو بناه على حوادث معينة لم يبنه على أنها مسألة علمية، وقد صدرت فتاوى بتبديع من أحدث توحيد الحاكمية.

والصحيح أنه لابأس بأن نضيف توحيد الحاكمية، ولا يقال عنه مبتدع، والتبديع فيه خطأ،لأن الذين قسموا التوحيد تقسيماً ثنائيا فجاء من قسمة ثلاثياً فإذاً هو مبتدع على هذا القول!.

وهناك من أهل العلم من قسم التوحيد تقسيماً خماسياً وأضاف توحيد الإتباع فهل هذا مبتدع أيضاً!، والقاعدة أنه لا مشاحة في الاصطلاح إذا كان صحيحاً، ولو اقتضى الواقع إبراز توحيد معين والاهتمام به وجعله قسماً مستقلاً وإن كان داخلاً في الأقسام قبله فلا مانع وهذا له نظائر كثيرة، والحاكمية داخل في توحيد الأسماء والصفات ومبني على اسم الحكم كما في الحديث (إن الله هو الحكم واليه الحكم) ومبني على التصرف وهو من معاني الربوبية أي التصرف في الأمر والنهي، فأي بدعة في ذلك؟ وإنما المبدّع إما مجتهد مخطئ ـ وهذا يقال لمن عرف عنه الصدق ـ أو جاهل ضال أو مرقّع للحكام المبدلين وبوق لهم.

ونقول أيضا هناك من أهل العلم من جعل شروط لا إله إلا الله سبعة، وبعضهم اجتهد وجعلها ثمانية فذكر شرط الكفر بالطاغوت، مع أنه موجود ضمن الشروط السبعة لكن نظرا لأهميته فصله عن شرط المحبة وجعله مستقلا. فهذا عند بعض هؤلاء مبتدعا؟.

ومثل ذلك الإيمان فبعض السلف جعله من كلمتين هو قول وعمل، فلما أحدث أهل البدع كلاما قال بعضهم هو قول وعمل واعتقاد، فلما تكلم المرجئة في العمل قال السلف هو اعتقاد وقول وعمل بالأركان فأضافوا كلمة الأركان للتوضيح وبعضهم جعله قول وعمل واعتقاد ونية وبعضهم أضاف واتباع.

وكل ما سبق صحيح لكن كل ما اقتضى المقام التوضيح أو الأهمية زاد السلف بقدر ذلك، وهي ليست زيادة مخترعة لكنها موجودة في كلام من سبق وجود إجمال وتداخل. فعلى قاعدة بعض هؤلاء من زاد عن كلمتين في الإيمان فهو مبتدع.

مع أن من الأفضل استقرار الاصطلاحات وان لا يُولّد منها فتكثر وتطول، واستقرارها على ثلاثة أكمل (الربوبية الألوهية الأسماء والصفات) وعلموا ذلك بالتتبع والاستقراء والنظر في الآيات والأحاديث فوجدوا أن التوحيد لا يخرج عن هذه الأنواع الثلاثة فنوّعوا أو أصّلوا التوحيد إلى ثلاثة أصول أو أنواع، ولا يخرج أي تقسيم عن هذه الثلاثة، ولا يُفرد ويُلّد نوع إلا قد أُخذ من أحد الثلاثة، لذا كان أقرب التقسيمات إلى كونه جامعا مانعا دقيقا وافيا بالغرض، والله أعلم.

لكن من الخطأ تخطئة من قال قولا صحيحا هو ضمن كلام من سبقه بناء على مقررات سابقة ومقاصد فاسدة، والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير