تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجذعًا في أعين المتكلمين وطودًا في السنة لا يتزلزل وقد امتحن مرات.

قال ابن طاهر: وسمعته يقول بهراة: عرضت على السيف خمس مرات لا يقال لي: ارجع عن مذهبك، لكن يقال لي: اسكت عمن خالفك؛ فأقول: لا أسكت؛ وسمعته يقول: أحفظ اثني عشر ألف حديث أسردها سردًا. قال أبو النضر الفامي: كان إسماعيل بكر الزمان وواسطة عقد المعاني وصورة الإقبال في فنون الفضائل وأنواع المحاسن منها نصرة الدين والسنة من غير مداهنة ولا مراقبة لسلطان ولا وزير، وقد قاسى بذلك قصد الحساد في كل وقت وسعوا في روحه مرارًا وعمدوا إلى إهلاكه أطوارًا، فوقاه الله شرهم وجعل قصدهم أقوى سبب لارتفاع شأنه.

قلت: تخرج به خلق كثير وفسر القرآن مدة وفضائله كثيرة؛ ورأيت أهل الاتحاد يعظمون كلامه في منازل السائرين، ويدعون أنه موافقهم ذائق لوجدهم ورامز لتصوفهم الفلسفي، وأنى يكون ذلك وهو من دعاة السنة وعصبة آثار السلف؟ ولا ريب أن في منازل السائرين أشياء من محط المحو والفناء وإنما مراده بذلك الفناء الغيبة عن شهود السوي ولم يرد عدم السوي في الخارج.

وفي الجملة هذا الكتاب لون آخر غير الأنموذج الذي أصفق عليه صوفية التابعين ودرج عليه نساك المحدثين، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. وله قصيدة في السنة سمعناها، غالبها جيد. وله مجلد في مناقب الإمام أحمد بن حنبل سمعناه من ابن القواس عن الكندي إجازة عن الكروجي عنه.

حدث عنه المؤتمن الساجي وابن طاهر المقدسي وعبد الله بن أحمد بن السمرقندي وعبد الصبور بن عبد السلام الهروي وعبد الملك الكروجي وحنبل بن علي البخاري وأبو الفتح محمد بن إسماعيل الفامي وعبد الجليل بن أبي سعد المعدل وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وآخرون، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الفتح نصر بن سيار.

قال السلفي: وسألت المؤتمن عن أبي إسماعيل الأنصاري فقال: كان آية في لسان التذكير والتصوف من سلاطين العلماء، سمع ببغداد من أبي محمد الخلال وغيره، يروي في مجالسه أحاديث بالأسانيد وينهى عن تعليقها عنه وكان بارعًا في اللغة حافظًا للحديث. قرأت عليه كتاب ذم الكلام وقد روى فيه حديثًا عن علي بن بشرى عن أبي عبد الله بن منده عن إبراهيم بن مرزوق، فقلت له: هذا هكذا؟ قال: نعم؛ وإبراهيم هو شيخ الأصم وطبقته، وهو إلى الآن في كتابه على الخطأ كذا قلت: وهكذا سقط عليه رجلان من حديثين مخرجين من جامع الترمذي نبهت عليهما في نسختي وهو على الخطأ في غير نسخة. قال المؤتمن: وكان يدخل على الأمراء والجبابرة فما يبالي بهم ويرى الغريب من المحدثين فيبالغ في إكرامه، قال لي مرة: هذا الشأن شأن من ليس له شأن سوى هذا الشأن، يعني طلب الحديث؛ وسمعته يقول: تركت الحيري لله؛ قال: وإنما تركته؛ لأني سمعت منه شيئًا يخالف السنة.

قال الحسين بن علي الكتبى: خرج شيخ الإسلام لجماعة الفوائد بخطه إلى أن ذهب بصره فكان يأمر فيما يخرجه لمن يكتبه عنه ويصحح هو، وقد تواضع بأن خرج لي فوائد ولم يبق أحد ممن خرج لي سواه. قال ابن طاهر: سمعته يقول: إذا ذكر التفسير فإنما أذكره من مائة وسبعة تفاسير؛ وسمعته ينشد على منبره:

أنا حنبلي ما حييت وإن أمت فوصيتي للناس أن يتحنبلوا

وسمعته يقول: قصدت أبا الحسن الخرقاني الصوفي ثم عزمت على الرجوع فوقع في نفسي أن أقصد أبا حاتم بن خاموش الحافظ بالري وألتقيه وكان مقدم أهل السنة بالري، وذلك أن السلطان محمودًا لما دخل الري وقتل بها الباطنية منع الكل من الوعظ غير أبي حاتم، وكان من دخل الري يعرض اعتقاده عليه، فإن رضيه أذن له في الكلام على الناس وإلا منعه؛ فلما قربت من الري كان معي رجل في الطريق من أهلها فسألني عن مذهبي فقلت: حنبلي، فقال: مذهب ما سمعت به وهذه بدعة، وأخذ بثوبي وقال: لا أفارقك إلى الشيخ أبي حاتم، فقلت: حيرة. فذهب بي إلى داره وكان له ذلك اليوم مجلس عظيم فقال: هذا سألته عن مذهبه فذكر مذهبًا لم أسمع به قط؛ قال: وما ذاك؟ قال: قال: أنا حنبلي؛ فقال: دعه فكل من لم يكن حنبليًّا فليس بمسلم، فقلت: الرجل كما وصف لي؛ ولزمته أيامًا وانصرفت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير