ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[20 - 08 - 06, 06:00 م]ـ
وهذا رد الشيخ أحمد الزهراني
عذراً يا مشايخ .. الأشاعرة ليسوا من أهل السنة
ليس على العالم بأس أن يقول ما يراه صواباً، فهو بين أجر وأجرين.
لكن البأس على بعض المواقع والجهات والجماعات التي اعتادت ممارسة نوع من النذالة الفكرية، حين تستغل الأوقات الصعبة التي تمر بها الأمة لطرح ما لا تستطيع طرحه في الأوقات الطبيعية.
في هذا الوقت الصعب الذي حير الكثيرين في الموقف من الحزب الرافضي العلقمي والمؤامرة التي تُحبك في لبنان نشر موقع الإسلام اليوم فتوى غريبة عجيبة.
ومع أن الموقعين عليها لهم سابقة الفضل والعلم إلا أن الفتوى في غاية الغرابة لأكثر من سبب، أولها: توقيت نشرها، ثانيها: أن العادة جرت باستفتاء شخص واحد وأما في هذه الفتوى فيوقع عليها ثلاثة من أهل العلم بصيغة واحدة، وكأني بالموقع ينشرها ليس كسؤال وجواب كغيرها من الأسئلة وإنما كموقف يتبناه، وثالث هذه الأسباب: أن مضمون الفتوى فيه مغالطات لا يُسكت عليها ولا تليق بمن وقعوا البيان خصوصاً الشيخ عبدالله الغنيمان والشيخ القارئ، ولذا أحببت التعليق على هذه الفتوى بما يلي:
قالت الفتوى: «الأشاعرة والماتريدية قد خالفوا الصواب حين أولوا بعض صفات الله سبحانه. لكنهم من أهل السنة والجماعة، وليسوا من الفرق الضالة الاثنتين والسبعين إلا من غلا منهم في التعطيل، ووافق الجهمية فحكمه حكم الجهمية. أما سائر الأشاعرة والماتريدية فليسوا كذلك وهم معذورون في اجتهادهم وإن أخطأوا الحق».
قلت: هكذا بتوها فخالفوا كل من نعلمه من أئمة السنة قبلهم إلا من شذ، وأول ما في هذه المقالة تبسيطهم للخلاف مع الأشاعرة والماتريدية بأنهم خالفوا السنة فقط في تأويل بعض الصفات، وهذا عجيب، فمن يطالع كتب أهل العلم يعلم أن الأشاعرة مروا بمراحل انتهت بهم أخيراً إلى الاعتزال في ثوب التمشعر، فالأشاعرة مخالفون للسنة في الصفات وفي القول بخلق القرآن وفي الإيمان وفي القدر وأمور أخرى معلومة للمتخصصين، فكيف يُقال إنهم خالفوا بتأويل بعض الصفات.
بل متقدمو الأشاعرة وهم فضلاؤهم وكانوا على قدر كبير من السنة وقف منهم السلف موقفاً صارماً، حتى قال شيخ الإسلام رحمه الله ن مجرد الانتساب للأشعري بدعة، وسمى الأشاعرة مخانيث المعتزلة، بل قال السجزي في كتابه الرد على من أنكر الحرف والصوت: «ثمّ بُلي أهلُ السنّةِ بعدَ هؤلاءِ بقومٍ يدّعونَ أنّهم مِن أهلِ الاتّباعِ، وضرَرُهم أكثرُ من ضررِ المعتزلةِ وغيرِهم، وهُم: أبو محمّدٍ بنُ كلاّب، وأبو العبّاسِ القلانِسي، وأبو الحسنِ الأشعَرِيّ .. وفي وقتِنا: أبو بكرٍ الباقِلاّني ببغداد، وأبو إسحاقَ الإسفرائِيني، وأبو بكر بنُ فورَك بخراسان .. ثمّ قالَ: وكلّهم أئمّةُ ضَلاّلٍ يدعونَ النّاسَ إلى مخالفةِ السّنةِ وتركِ الحديث».
ولو رجعت إلى تراجم هؤلاء الذين ذكرهم لعرفت ما كانوا يتمتعون به من العلم والفقه، بل هم أقرب للسنة بكثير من سائر الأشاعرة المتأخرين، وهذا الكتاب قد أثنى عليه كثيراً شيخ الإسلام رحمه الله ونقل منه، بل قال شيخ الإسلام: (قالَ محمّدُ بن خويز مَنداد:» أهلُ البدَعِ والأهواءِ عندَ مالِكٍ وأصحابِهِ هُم» فكلّ متكلّمٍ في الإسلامِ فهوَ مِن أهلِ البدَعِ والأهواءِ، أشعرياً كانَ أو غيرَ أشعريّ، وذكرَ ابنُ خزَيمةَ وغيرُه أنّ الإمامَ أحمد كانَ يحذّرُ ممّا ابتدعَه عبدُ اللهِ بنُ سعيدِ بنُ كلاّب، وعن أصحابِه كالحارثِ، وذلكَ لما علِمُوه في كلامِهم من المسائِلِ والدّلائلِ الفاسدَةِ، وإن كانَ في كلامِهم من الأدلّةِ الصّحيحَةِ وموافقةِ السّنّةِ ما لا يوجدُ في كلامِ عامّةِ الطوائفِ، فإنّهم أقربُ طوائِفِ أهلِ الكلامِ إلى السّنّةِ والجماعةِ والحديثِ).
وقول الفتوى إن الأشاعرة ليسوا من الفرق الضالة خطأ بالغ، لأن الأشاعرة كما قلنا ليسوا على مرتبة واحدة فبعض متأخريهم أشد ضلالاً وبعداً عن السنة من بعض المعتزلة، وكذلك قولهم إنهم معذورون فيما أخطؤوا فيه، فإن هذا قد يُقبل لو كان الكلام عن أحد العلماء، أما تعميم هذا العذر على كل الأشاعرة والماتريدية فهذا عجيب من قائله غريب.
¥