وعن أبي قُلابة: ((لا تجالِسُوا أهلَ الأهواءِ، ولا تجادِلُوهُم، فإنّي لا آمنُ أن يغمِسوكُم في ضلالتِهم، ويلبِسُوا علَيكم ما كنتم تعرِفُون))، وعنه أيضاً: ((إنّ أهلَ الأهواءِ أهلُ ضلالةٍ، ولا أرىَ مصيرَهم إلاّ إلى النّارِ)).
وعن بعضِ السّلفِ: ((مَن جالسَ صاحِبَ بدعةٍ نُزعَت مِنه العصمةُ، وَوُكِلَ إلى نَفسِه)).
وعَن العوّامِ بنِ حوشبٍ أنّه كانَ يقولُ لابنِه: ((يا عيسى، أصلِحْ قلبَكَ وأقلِل مالَك، وكان يقول: واللهِ لأَن أرَى عيسَى في مجالسِ أصحابِ البرابِطِ والأشربةِ والباطِلِ، أحبُّ إليّ مِن أَن أراهُ يجالِسُ أصحابَ الخصوماتِ))، قال ابنُ وضّاح: يعني أهلَ البِدَع.
وفيما كتبَ بهِ أسدُ بن موسَى: ((وإياكَ أن يكونَ لكَ من البِدعِ أخٌ أو جليسٌ أو صاحِب، فإنّه جاءَ الأثرُ: مَن جالسَ صاحِبَ بدعةٍ نُزِعَت منه العصمةُ ووُكِلَ إلى نفسِه، ومَن مشَى إلى صاحبِ بدعةٍ مشىَ إلى هدمِ الإسلامِ)).
ومن ضِمنِ من حذر منهم السلف صاحبُ الوجهَين، الّذي يزعُمُ أنّه على السّنّةِ، وعلى منهجِ السّلفِ، ثمّ هو مخالِطٌ للمبتدعةِ مصاحِبٌ لهم، ساكِتٌ عن باطلِهم، عن يحيى بن سعيد قالَ: لمّا قدم سفيانُ الثّوري البصرةَ جعلَ ينظرُ في أمرِ الرّبيعِ بن صُبَيح، وقدرِه عند النّاس، سأل أيّ شيء مذهبه؟ قالوا: ما مذهبُه إلاّ السّنّة، قالَ: من بطانتُه؟ قالوا: أهلُ القدرِ، قالَ: هو قدرِيّ.
وقيلَ للأوزاعيّ: إنّ رجلاً يقولُ: أنا أجالِسُ أهلَ السنةِ، وأجالِسُ أهلَ البِدَعِ، فقالَ الأوزاعِي: هذا رجلٌ يريدُ أن يساوِيَ بين الحقِّ والباطِلِ، قالَ ابنُ بطّةَ: معلِّقاً: كثُر هذا الضّربُ مِن النّاسِ في زمانِنا هذا، لا كثّرَهم الله.
عن عقبة قالَ: كنتُ عند أرطأةَ بنِ المنذرِ فقالَ بعضُ أهلِ المجلسِ: ما تقولونَ في الرّجلِ يجالِسُ أهلَ السّنّةِ ويخالِطُهم، فإذا ذُكِرَ أهلُ البدعِ قالَ: دعونَا مِن ذكرِهم، لا تذكروهُم، قالَ أرطأةُ: هوَ مِنهم، لا يلَبِّس علَيكم أمرَه، قالَ فأنكرتُ ذلكَ مِن قولِ أرطأةَ، قالَ: فقدِمتُ علَى الأوزاعِيّ وكانَ كشّافاً لهذهِ الأشياءِ إذا بلَغَته، فقالَ: ((صدقَ أرطأةُ، والقولُ ما قالَ، هذا يَنهىَ عن ذكرِهم، ومتَى يُحذَرُوا إذا لم يُشادَ بذكرِهم؟!)).
وقال الفُضيلُ بنُ عِياض: لا يمكنُ أن يكونَ صاحبُ سنّةٍ يمالي صاحبَ بدعةٍ إلاّ مِن النّفاقِ.
وقالَ ابن عون: من يجالِسُ أهلَ البدعِ أشدّ علينا مِن أهلِ البدَعِ.
وأختم بما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعن السّائبِ بن يزيدٍ قالَ: أتى عمرُ بنُ الخطّابِ فقالُوا: يا أميرَ المؤمنينَ إنّا لقِينا رجلاً يسألُ عن تأويلِ القرآنِ، فقالَ: اللّهمّ أمْكِنّي منه، قال: فبينَما عمرُ ذاتَ يومٍ يغدّي النّاسَ إذ جاءَه عليهِ ثيابٌ وعمامةٌ فتغدّى حتّى إذا فرغَ قالَ: يا أميرَ المؤمنينَ [الذّاريات:1ـ2] فقال عمرُ: أنتَ هوَ؟ فقامَ عليه محسّراً عن ذراعَيه فلَم يزَل يجلِدُه حتّى سقطَت عمامتُه، فقالَ: ((والّذي نفسي بيدِه لَو وجدتُكَ محلوقاً لضربتُ رأسَك، ألبِسُوه ثيابَه واحمِلُوه علَى قتبٍ ثمّ أخرِجُوه حتّى تقدُموا بِه بلادَه، ثم ليقُم خطِيباً ثم ليقُل: إنّ صبِيغاً طلَبَ العلمَ فأخطَأ)) فلَم يزل وضِيعاً في قومِه حتى هلَكَ، وكان سيّدَ قومِه.
وإني لا أدري ما ذا يعد الموقعون لهذه الفتوى والناشرون لها فعل عمر بن الخطاب مع صبيغ؟
هل هو موافق لأدبيات الحوار التي ينادون بها؟ أم مخالف لها؟
وإذا كان مخالفاً لها فأي الأدب أحرى بالاتباع: أدب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أم أدب غيره من الفرق المخالفة لمنهج السلف في التعامل مع أهل البدع والأهواء؟
نسأل الله أن يلهمنا رشدنا وأن يثبتنا على السنة وأن يقينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[20 - 08 - 06, 06:04 م]ـ
هذه فتوى للشيخ عبدالرحمن البراك
عنوان الفتوى
هل يوصف الأشاعرة بالسنة؟
رقم الفتوى
16090
تاريخ الفتوى
4/ 7/1427 هـ -- 2006 - 07 - 30
السؤال
¥