وأما المقبريون: فإنهم إذا استجيب لهم نادرا، فإن أحدهم يضعف توحيده، ويقل نصيبه من ربه، ولا يجد في قلبه من ذوق الإيمان وحلاوته ما كان يجده السابقون الأولون. ولعله لا يكاد يبارك له (5) في حاجته، اللهم إلا أن يعفو الله عنهم لعدم علمهم بأن ذلك بدعة، فإن المجتهد إذا أخطأ أثابه الله على اجتهاده، وغفر له خطأه.
وجميع الأمور التي يظن أن لها تأثيرا في العالم وهي محرمة في الشرع، كالتمريجات (1) الفلكية، والتوجهات النفسانية. كالعين، والدعاء المحرم، والرقى المحرمة، أو التمريجات الطبيعية. ونحو ذلك، فإن مضرتها أكثر من منفعتها حتى في نفس ذلك المطلوب، فإن هذه الأمور لا يطلب بها غالبا إلا أمور دنيوية، فقل أن يحصل (2) لأحد بسببها أمر دنيوي إلا كانت عاقبته فيه في الدنيا عاقبة خبيثة. دع الآخرة.
والمخفق (1) من أهل هذه الأسباب أضعاف أضعاف المنجح، ثم إن فيها من النكد (2) والضرر ما الله به عليم. فهي في نفسها مضرة ولا يكاد يحصل الغرض بها إلا نادرا وإذا حصل فضرره أكثر من نفعه (3). والأسباب المشروعة في حصول هذه المطالب، المباحة أو المستحبة سواء كانت طبيعية: كالتجارة والحراثة، أو كانت دينية: كالتوكل على الله والثقة به، وكدعاء الله سبحانه على الوجه المشروع، في الأمكنة والأزمنة التي فضلها الله ورسوله، بالكلمات المأثورة عن إمام المتقين صلى الله عليه وسلم، وكالصدقة، وفعل المعروف (4)، يحصل بها الخير المحض أو الغالب. وما يحصل من ضرر بفعل مشروع، أو ترك غير مشروع (5) مما نهي عنه، فإن ذلك الضرر مكثور في جانب ما يحصل من المنفعة.
وهذا الأمر، كما أنه قد دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، فهو أيضا معقول بالتجارب المشهورة والأقيسة الصحيحة، فإن الصلاة والزكاة يحصل بهما خير الدنيا والآخرة، ويجلبان كل خير، ويدفعان كل شر.
فهذا الكلام في بيان أنه لا يحصل بتلك الأسباب المحرمة لا خير محض، ولا غالب، ومن كان له خبرة بأحوال العالم (6) وعقل، تيقن ذلك يقينا لا شك فيه.
وإذا ثبت ذلك: فليس علينا من سبب (1) التأثير أحيانا، فإن الأسباب التي يخلق الله بها الحوادث في الأرض والسماء، لا يحصيها على الحقيقة إلا هو، أما أعيانها فبلا ريب - وكذلك أنواعها أيضا - لا يضبطها المخلوق (2) لسعة ملكوت الله سبحانه وتعالى، ولهذا كانت طريقة الأنبياء عليهم السلام، أنهم يأمرون الخلق بما فيه صلاحهم، وينهونهم عما فيه فسادهم، ولا يشغلونهم بالكلام في أسباب الكائنات كما تفعل المتفلسفة، فإن ذلك كثير التعب، قليل الفائدة، أو موجب للضرر.
ومثال النبي صلى الله عليه وسلم مثال طبيب دخل على مريض، فرأى مرضه فعلمه، فقال له: اشرب كذا، واجتنب كذا. ففعل ذلك، فحصل غرضه من الشفاء.
والمتفلسف قد يطول معه الكلام في سبب ذلك المرض، وصفته، وذمه وذم ما أوجبه. ولو قال له المريض: فما الذي يشفيني منه؟ لم يكن له بذلك علم تام.
والكلام (3) في بيان تأثير بعض هذه الأسباب قد يكون فيه فتنة لمن ضعف عقله ودينه، بحيث تختطف (4) عقله فيتأله (5)، إذا لم يرزق من العلم والإيمان ما يوجب له الهدى واليقين. ويكفي العاقل أن يعلم أن ما سوى المشروع لا يؤثر بحال، فلا منفعة فيه، أو أنه وإن أثر فضرره أكثر من نفعه.
ثم سبب قضاء حاجة بعض هؤلاء الداعين الأدعية المحرمة: أن الرجل منهم قد يكون مضطرًّا ضرورة لو دعا الله بها مشرك عند وثن لاستجيب له، لصدق توجهه إلى الله، وإن كان تحري الدعاء عند الوثن شركا. ولو (1) استجيب له على يد المتوسل به، صاحب القبر أو غيره لاستغاثته، فإنه يعاقب على ذلك ويهوي به في النار إذا لم يعف الله عنه، كما لو طلب من الله ما يكون فتنة له. كما
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[06 - 09 - 06, 12:35 م]ـ
الإخوة الأفاضل
لقد قرأت فى تاريخ بغداد مايلى:
قال الخطيب (الذى هو أهل الحديث عيال عليه) 1/ 120فى (باب) ما ذكر في مقابر بغداد المخصوصة بالعلماء والزهاد:أخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن الحسين بن محمد بن رامين الإستراباذي قال أنبأنا أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي قال سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال يقول ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به الا سهل الله تعالى لي ما أحب.
والخلال هذا لايدرى من هو وليس هو (الذي جمع أقوال) الإمام أحمد في الجامع المشهور
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=111426#post111426
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[06 - 09 - 06, 04:19 م]ـ
الخلال من تلاميذ تلاميذ أحمد
ـ[الرايه]ــــــــ[06 - 09 - 06, 04:28 م]ـ
جزى الله خيرا الشيخ الكريم عبدالرحمن على إفادته
وكنت اول شرائي لتاريخ بغداد (الطبعة المحققة - دار الغرب الإسلامي)
استغربت عدم وجود تعليق من المحقق على مثل هذه الحكايات الباطلة سندا ومتناً.
مع ان المحقق قد يعقب او يستدرك او يعلق في اسم راوي او محلة ونحو ذلك مما هو أقل أهمية من هذه المسألة.
والله أعلم
¥