دخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء، فقالا: يا أبا بكر نحدثك، قال: لا، قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله عز وجل، قال: لا، لتقومن عني أو لأقومنه، فقام الرجلان فخرجا
جاء رجل إلى الحسن فقال: يا أبا سعيد، تعال أخاصمك في الدين، فقال الحسن: أما أنا فقد أبصرت ديني، فإن كنت أضللت دينك فالتمسه
انصرف مالك بن أنس يوما من المسجد وهو متكئ على يدي، قال: فلحقه رجل يقال له: أبو الجويرية، كان يتهم بالإرجاء، فقال: يا أبا عبد الله، اسمع مني شيئا أكلمك به وأحاجك وأخبرك برأيي؛ قال له مالك: فإن غلبتني؟ قال: إن غلبتك اتبعتني؛ قال: فإن جاءنا رجل آخر فكلمنا فغلبنا؟. قال: نتبعه، فقال مالك: يا عبد الله، بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وسلم بدين واحد وأراك تنتقل من دين إلى دين قال عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل
جاء رجل إلى عمر بن عبد العزيز فسأله عن بعض الأهواء، فقال: انظر دين الأعرابي والغلام في الكتاب فاتبعه واله عن ما سوى ذلك
عن إبراهيم النخعي، أنه قال لمحمد بن السائب التيمي: ما دمت على هذا الرأي فلا تقربنا، وكان مرجئا
عن أبي قلابة قال: ما ابتدع رجل قط بدعة إلا استحل السيف
عن أبي قلابة، أنه كان يقول: إن أهل الأهواء أهل ضلالة، ولا أرى مصيرهم إلا إلى النار
عن الحسن قال: صاحب بدعة لا تقبل له صلاة ولا حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صرف ولا عدل
عن أبي الجوزاء، أنه ذكر أصحاب الأهواء فقال: والذي نفس أبي الجوزاء بيده، لأن تمتلئ داري قردة وخنازير أحب إلي من أن يجاورني رجل منهم، ولقد دخلوا في هذه الآية (ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور
باب عقوبة الإمام والأمير لأهل الأهواء
قال محمد بن الحسين رحمه الله: ينبغي لإمام المسلمين ولأمرائه في كل بلد إذا صح عنده مذهب رجل من أهل الأهواء - ممن قد أظهره - أن يعاقبه العقوبة الشديدة، فمن استحق منهم أن يقتله قتله، ومن استحق أن يضربه ويحبسه وينكل به فعل به ذلك، ومن استحق أن ينفيه نفاه، وحذر منه الناس. فإن قال قائل: وما الحجة فيما قلت؟. قيل: ما لا تدفعه العلماء ممن نفعه الله عز وجل بالعلم، وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلد صبيغا التميمي، وكتب إلى عماله: أن يقيموه حتى ينادي على نفسه، وحرمه عطاءه، وأمر بهجرته، فلم يزل وضيعا في الناس. وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قتل بالكوفة في صحراء أحد عشر جماعة ادعوا أنه إلههم، خد لهم في الأرض أخدودا وحرقهم بالنار، وقال: لما سمعت القول قولا منكرا أججت ناري ودعوت قنبرا وهذا عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن أرطأة في شأن القدرية: تستتيبهم فإن تابوا وإلا فاضرب أعناقهم وقد ضرب هشام بن عبد الملك عنق غيلان وصلبه بعد أن قطع يده، ولم يزل الأمراء بعدهم في كل زمان يسيرون في أهل الأهواء إذا صح عندهم ذلك عاقبوه على حسب ما يرون، لا ينكره العلماء
عن أنس، أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه جلد صبيغا التميمي في مسائلته عن حروف القرآن حتى اضطربت الدماء في ظهره، وقال غير مرة، وبعث إلى أهل البصرة: أن لا تجالسوه. فلو جاء إلى حلقة ما هي قاموا وتركوه
أتي عمر بن الخطاب فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنا لقينا رجلا يسأل عن تأويل القرآن؟. فقال: اللهم أمكني منه؛ قال: فبينما عمر رضي الله عنه ذات يوم يغدي الناس إذ جاءه عليه ثياب وعمامة فتغدى حتى إذا فرغ، قال: يا أمير المؤمنين (والذاريات ذروا فالحاملات وقرا) فقال عمر: أنت هو؟ فقام إليه فحسر عن ذراعيه، فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته، فقال: والذي نفسي بيده لو وجدتك محلوقا لضربت رأسك، ألبسوه ثيابه واحملوه على قتب ثم أخرجوه حتى تقدموا به بلاده ثم ليقم خطيبا ثم ليقل: إن صبيغا طلب العلم فأخطأ، فلم يزل وضيعا في قومه حتى هلك وكان سيد قومه وأنبأنا أبو زكريا يحيى بن محمد الحنائي قال: حدثنا محمد بن عبيد بن حساب قال: حدثنا حماد بن زيد، عن يزيد بن أبي حازم، عن سليمان بن يسار قال: قدم المدينة رجل من بني تميم يقال له صبيغ بن عسل، كان عنده كتب
¥