الله!! أو سبحاني سبحاني [11] وكما قال البسطامي [12] كما هو ثابت مِن أبياته في ديوانه:
كفرتُ بدين الله والكفرُ واجبٌ لديَّ وعند المسلمين قبيح
انظر: ديوان الحلاج صـ[34].
ومرة أخرى ينتكس ويقول:
على دين الصليب يكون موتي فلا بطحا أريد ولا المدينة
انظر: ديوان الحلاج صـ[85]
أي: يذكرأنَّه صليبيٌّ -والعياذ بالله- فنفس ما وقع للحلاج! عندما يقول هذا الكلام: قام علماء السنَّة فكفروه بناءً على هذه الكفريات الشنيعة، فقام المدافعون عنه -مثل ما قام الرفاعي يدافع عن المالكي - وتأولوا بعد أن عمل هذا العمل، وقالوا -أي: المتأولة- انتظروا لماذا تكفروه؟
نحن نأتي لكم بأدلة! ثمَّ قالوا: نعم، روى أبو نعيم في الحلية كذا، وكذلك: عندنا ابن عساكر روى كذا، بعض هذه الأشياء استنتجوها، وبحثوا عنها، ووجدوها بعد أن قُتل الحلاج بسنواتٍ طويلةٍ، والحلاج لم يقرأها، ولم يطَّلع عليها، ولا قال ما قال لأنَّه اطَّلع على الكتاب والسنَّة، ثم استنتج منها هذا الاستنتاج.
بل أنا أضرب مثالاً وهو أنه يوجد عندنا كتاباً اسمه: الدرة المضيئة يذكر فيه متى بدأتْ كلمة "سيدنا" -أشهد أنَّ سيدنا محمَّداً رسولُ الله في الأذان [13]، حيث ذكر أنَّ أحد سلاطين المماليك رأى في المنام الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له: قل للمؤذِّن إذا أذن أن يقول: -أشهد أنَّ سيدنا محمَّداً رسول الله، فلما استيقظ السلطان هذا؛ أمر المؤذنَ أنْ يقول ذلك، فسمعها بعضُ الخرافيِّين من الصوفية، فقالوا: رؤيا حسنة، واستحسنوا ذلك.
نحن الآن -في هذا العصر- عندما نقول: هذه الكلمة لا تضاف في الأذان؛ يقولون: كيف لا تضاف، وعندنا أحاديثُ صحيحةٌ على أنَّ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو سيد ولد آدم، وأنَّه كذا، وأنَّه كذا؟
وأنتم تنكرون سيادة الرسول! أنتم تكرهون الرسول! أنتم تعادون الرسول! فيهاجموننا بهذا الكلام؛ بينما نجد أن أصل القضية لم يكن أنَّهم قرءوا البخاري أو مسلم، ووجدوا أحاديث السيادة، فوضعوها في الأذان، إنما أصلها رؤيا، فالصوفية تعتمد في مصدر التلقِّي على المنامات، والأحلام، وعلى التخيُّلات، والتكهنات، وعلى ما يسمونه الذوق، أو الوجد، أو الكشف، هذا هو مصدر القوم.
فبعد ذلك يأتي مَن يفلسف هذه الأشياء التي ثبتت عندهم، ووصلتهم إلى هذا الطريق، ويقول: إنَّ لها أصلاً، إنَّها تقوم عليها الأدلة الشرعيَّة، فهي مأخوذة مِن الكتاب والسنَّة، ثم يزعمون -كما زعم الرفاعي - أنَّهم هم أهل السنة والجماعة، وهم الذين على الحق، وأنَّ المخالفين لهم: مِن الخوارج، أو الغلاة، أو المتنطعين، أو التكفيريين، إلى آخر هذا الهراء!
2 - كلام العلماء الأبرار في فرق الصوفية الأشرار
كلام أبو الريحان البيروني في الصوفية
والآن سأستعرض -إن شاء الله- بعضَ الكتب التي تدل على أصل التصوف، مثل كتاب البيروني تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة، الكتاب ألَّفه أبو الريحان البيروني، وهو ليس مِن أئمَّة أهل السنة والجماعة، وإنما هو رجلٌ، مسلمٌ، مؤرِّخٌ، تستطيع أن تقول -بالأحرى- إنه جغرافيٌّ، ومتكلمٌ، ومتفلسفٌ، ذهب إلى الهند يبحث عن أديانها، وعقائدها، ويكتب عن جغرافيتها، وأرضها، وعلومها.
هذا الرجل ألَّف الكتاب، وذكر فيه حقائق لا يمكن أن يُتهم بأنَّه تواطأ فيها مع أهل السنة والجماعة.
فمثلاً: يقول في صفحة (24) من هذا الكتاب ' ومنهم مَن كان يرى الوجودَ الحقيقي للعلة الأولى فقط، لاستغنائها بذاتها فيه، وحاجة غيرها إليه، وأنَّ ما هو مفتقر في الوجود إلى غيره، فوجوده كالخيال غير حقٍّ، والحقُّ هو الواحد الأول فقط، وهذا رأي السوفية - كتبها بالسين - وهم الحكماء، فإنَّ سوف باليونانية: [الحكمة] وبها سمي الفيلسوف: بيلاسوفا، أي: محب الحكمة، ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريبٍ مِن رأيهم -أي: رأي حكماء الهند -سُمُّوا باسمهم- أي: الصوفية - ولم يَعرف اللقبَ بعضُهم فنسبهم للتوكل إلى الصُفَّة وأنَّهم أصحابها في عصر النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ صُحِّفَ بعد ذلك، فصُيِّر مِن صوف التيوس ... ! إلخ '.
ويقول بعد ذلك: ' إنَّ المنصرف بكليته إلى العلة الأولى متشبهاً بها على غاية إمكانه: يتحد بها عند ترك الوسائط، وخلع العلائق، والعوائق '.
¥