كما كانت، وطارت في الجو حتى غابت عن منظري '.
وأحد تلاميذه يُدعى علي الملِّيجي، يقول: ' إنَّه كان يزور أحدَهم، فذبح له سيِّده علي فرخاً وأكله، وقال لسيِّده: لابدَّ أن أكافئك، فاستضافه يوماً فذبح للسيِّد علي فرخة فتشوشت امرأتُه عليها، فلمَّا حضرت قال لها سيِّدي علي: هش! فقامت الفرخة تجري، فقال - الشيخ السيِّد علي -: يكفينا المرق ولا تتشوشي '.
وفي الأجوبة المرضية للشعراني، يقول: ' ومما يتميز به الصوفية عن الفقهاء: الكشف الصحيح عن الأمور المستقبلة وغير ذلك، فيعرفون ما في بطون الأمهات أذكرٌ هو أم أنثى، أم خنثى، ويعرفون ما يخطر على بال النَّاس، وما يفعلونه في قعور بيوتهم '.
كرامات إبراهيم الخرساني
وينقل أيضاً عن إبراهيم الخرساني: ' بينما أنا في يوم صائف إذ عدلتُ إلى مفازةٍ فدخلتُها، فما لبثتُ أن دخل عليَّ ثعبان كأنه نخلة، وجعل ينظر إليَّ، فقلتُ: لعل معه رزقٌ لي، فخرج ثم أقبل إليَّ وفي فمِه رغيفٌ حوراي، ووضعه عندي، ورجع، فقال: رأيتُ فقيراً بالمسجد الحرام وعليه خرقتان، فقلتُ في سرِّي: هذا أو شبهه كَلٌّ على النَّاس، فناداني الفقير، وقال: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ [البقرة:235]، فاستغفرتُ الله في سرِّي فناداني، وقال: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ [الشورى:25]، ثم غاب عنِّي فلم أره '.
كرامات الأعزب
وينقل عن إبراهيم بن علي الأعزب، يقول: عن أبي المعالي عامر بن مسعود العراقي التاجر الجوهري قال: أتيت الشيخ مودِّعاً إلى بلاد العجم، فقال: إنْ وقعتَ بشدَّةٍ فنادي باسمي! قال: ففي صحراء خراسان أخذتْنا خيَّالة، وذهبوا بأموالنا، فذكرتُ قولَ الشيخ وكان معي رفقة معتبرون، فاستحييْت مِن ذكر اسمه بلساني؛ لأنَّهم لا يفهمون مثل ذلك، فاختلج في صدري الاستغاثة به، فلم يتم حتى رأيتُه على جبل يومئُ بعصاه إليهم فجاءوا بجميع أموالنا.
كرامات العيدروس
ومن كرامات العيدروس -وهو مِن المعظَّمين مع الأسف حتى عند كثيٍر مِن أهل الحجاز وخاصة الحضارمة - يقول النبهاني: 'إنَّه لما رجع مِن الحرمين دخل "زيلع " وكان الحاكم بها يومئذٍ محمد بن عتيق، واتَّفق أن أم ولدٍ له -جارية- ماتت، وكان مشغوفاً بها، فدخل عليه الشيخ ليعزِّيَه، ويصبِّره، فلم يُفِد فيه شيء، ورآه في غاية التعب، وأكبَّ على قدَم الشيخ ليقبِّلها، ويبكي، فكشف الشيخ عن وجهها وناداها باسمها فأجابته! وردَّ الله عليها روحَها! وأكلتْ الهريسة بحضرة الشيخ '.
ومن خرافات العيدروس كما ينقلون عن عبد الله العيدروس في المشرع الروي أنَّه قال: ' غفر الله لمن يكتب كلامي في الغزالي! وقال: مَن حصَّل كتاب إحياء علوم الدين فجعله في أربعين مجلَّداً ضمنْتُ له على الله بالجنة، فتسارع النَّاس إلى ذلك، منهم العلامة عبد الله بن أحمد با كثير، فزاد في تبيينه، وتزيينه، وجعل لكلِّ جلدٍ كيساً، فلمَّا رآه العيدروس قال: قد زدتَّ زيادةً حسنةً، فيحتاج لك زيادة - يعني: لك زيادة عن الجنة! بعد أنْ وعده بالجنة! - فما تريد؟
قال: أريد أن أرى الجنَّة في هذه الديار '.
وهذا العيدروس ألَّف كلاماً مطبوعاً مع الإحياء في الجزء الأخير منه في مدح الإحياء والثناء عليه، ويقول من ضمنه: ' كان أحد النَّاس يعترض على الإحياء، فجاء مرَّةً، وقال: قد تركتُ الإنكارَ والاعتراض عليه، قالوا: لماذا؟ قال: لأنِّي رأيتُ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، وقدمني أبو حامد الغزالي مؤلف الإحياء، وقال له: هذا ينكر ما في الإحياء قال: فأخذَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإحياء وأبو بكر معه، فقرأه رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورقةً ورقةً حتى انتهى من قراءة ما في الإحياء، وقال: هذا الكتاب عظيم، وليس لي أي اعتراض فاضربوه! فضَربوا هذا الرجل! فقال: بقيتْ آثارُ الضرب على ظهري، وتبتُ ولله الحمد، وأنا الآن أمدح الإحياء! '
ينقل العيدروس هذه القصة، فانظروا، حتى نسيَ هؤلاء الوضَّاعون الدجَّالون الكذابون أن الرسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أمِّيّاً لا يقرأ، فكيف قرأ الإحياء كلَّه، ويقرأه في جلسةٍ واحدةٍ ثم يزكِّيه.
¥