وقال رسول الله اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله ثم قرأ قوله تعالى إن فى ذلك لآيات للمتوسمين رواه الترمذى وحسنه من رواية أبى سعيد وقال الله تعالى فيما روى عنه رسول الله من عادى لى وليا فقد بارزنى بالمحاربة وما تقرب إلى عبدى بمثل اداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا احببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها فبى يسمع وبى يبصر وبي يبطش وبى يمشى ولئن سألنى لأعطينه ولئن استعاذ بي لاعيذنه وما ترددت فى شىء انا فاعله ترددى فى قبض نفس عبدى المؤمن يكره الموت واكره مساءته ولا بدله منه فهذا فيه محاربة الله لمن حارب وليه وفيه ان محبوبه به يعلم سمعا وبصرا وبه يعمل بطشا وسعيا وفيه انه يجيبه إلى ما يطلبه منه من المنافع ويصرف عنه ما يستعيذ به من المضار وهذا باب واسع
واما الخوارق فقد تكون مع الدين وقد تكون مع عدمه او فساده أو نقصه
السابع ان الدين هو اقامة حق العبودية وهو فعل ما عليك وما امرت به واما الخوارق فهى من حق الربوبية إذا لم يؤمر العبد بها وان كانت بسعى من العبد فان الله هو الذى يخلقها بما ينصبه من الاسباب والعبد ينبغى له ان يهتم بما عليه وما امر به واما اهتمامه بما يفعله الله إذا لم يؤمر بالاهتمام به فهو إما فضول فتكون لما فيها من المنافع كالمنافع السلطانية المالية التى يستعان بها على الدين كتكثير الطعام والشراب وطاعة الناس إذا رأوها ولما فيها من دفع المضار عن الدين بمنزلة الجهاد الذى فيه دفع العدو وغلبته
ثم هل الدين محتاج اليها فى الأصل ولان الايمان بالنبوة لا يتم إلا بالخارق او ليس بمحتاج فى الخاصة بل فى حق العامة وهذا نتكلم عليه
وانفع الخوارق الخارق الدينى وهو حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال ما من نبى إلا وقد أعطى من الآيات ما آمن على مثله البشر وإنما كان الذى أوتيته وحيا أوحاه الله الى فارجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة اخرجاه فى الصحيحين وكانت آيته هى دعوته وحجته بخلاف غيره من الأنبياء ولهذا نجد كثيرا من المنحرفين منا إلى العيسوية يفرون من القرآن والقال إلى الحال كما أن المنحرفين منا الى الموسوية يفرون من الايمان والحال إلى القال ونبينا صاحب القال والحال وص 4 احب القرآن والايمان
ثم بعده الخارق المؤيد للدين المعين له لأن الخارق فى مرتبة اياك نستعين والدين فى مرتبة اياك نعبد فأما الخارق الذى لم يعن الدين فاما متاع دنيا أو مبعد صاحبه عن الله تعالى
فظهر بذلك ان الخوارق النافعة تابعة للدين حادثة له كما ان الرياسة النافعة هى التابعة للدين وكذلك المال النافع كما كان السلطان والمال بيد النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر رضى الله عنهما فمن جعلها هى المقصودة وجعل الدين تابعا لها ووسيلة اليها لا لأجل الدين فى الاصل فهو يشبه بمن يأكل الدنيا بالدين وليست حاله كحال من تدين خوف العذاب او رجاء الجنة فان ذلك مأمور به وهو على سبيل نجاة وشريعة صحيحة
والعجب أن كثيرا ممن يزعم أن همه قد ارتفع وارتقى عن ان يكون دينه خوفا من النار أو طلبا للجنة يجعل همه بدينه أدنى خارق من خوارق الدنيا ولعله يجتهد اجتهادا عظيما فى مثله وهذا خطأ ولكن منهم من يكون قصده بهذا تثبيت قلبه وطمأنينته وايقانه بصحة طريقه وسلوكه فهو يطلب الآية علامة وبرهانا على صحة دينه كما تطلب الامم من الانبياء الآيات دلالة على صدقهم فهذا اعذر لهم فى
ذلك ولهذا لما كان الصحابة رضى الله عنهم مستغنين فى علمهم بدينهم وعملهم به عن الآيات بما رأوه من حال الرسول ونالوه من علم صار كل من كان عنهم أبعد مع صحة طريقته يحتاج إلى ما عندهم فى علم دينه
وعمله فيظهر مع الافراد فى أوقات الفترات واماكن الفترات من الخوارق مالا يظهر لهم ولا لغيرهم من حال ظهور النبوة والدعوة
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 11 / ص 609)
سُئِلَ عَنْ رِجْلٍ فَلَّاحٍ لَمْ يُعْلَمْ دِينُهُ وَلَا صَلَاتُهُ وَإِنَّ فِي بَلَدِهِ شَيْخًا أَعْطَاهُ إجَازَةً وَبَقِيَ يَأْكُلُ الثَّعَابِينَ وَالْعَقَارِبَ وَنَزَلَ عَنْ فِلَاحَتِهِ وَيَطْلُبُ رِزْقَهُ. فَهَلْ تَجُوزُ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟؟
الْجَوَابُ
¥