تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الرابع: أنه قد نهى أن يتخذ قبره عيدا وأمر الأمة أن تصلي عليه وتسلم حيث ما كانت وأخبر أن ذلك يبلغه. فلم يكن تخصيص البقعة بالدعاء له مشروعا ; بل يدعى له في جميع الأماكن وعند كل أذان وفي كل صلاة وعند دخول كل مسجد والخروج منه بخلاف غيره. وهذا لعلو قدره وارتفاع درجته. فقد خصه الله من الفضيلة. بما لم يشركه فيه غيره ; لئلا يجعل قبره مثل سائر القبور ; بل يفرق بينهما من وجوه متعددة ويبين فضله على غيره وما من الله به على أمته.

وقال في الرد على الاخنائي (ص 385): فلم تكن الصحابة بالمدينة يزورون قبره صلى الله عليه وسلم لا من المسجد ولا داخل الحجرة ولا كانوا أيضا يأتون من بيوتهم لمجرد زيارة قبره صلى الله عليه وسلم بل هذا من البدع التي أنكرها الأئمة والعلماء وإن كان الزائر منهم ليس مقصوده إلا الصلاة والسلام عليه وبينوا أن السلف لم يفعلوها كما ذكره مالك في المبسوط ... ) اهـ

والسبب عند ابن تيمية في عدم زيارتهم هو لأنه لا فائدة منها وقد بين ذلك في مجموع الفتاوي 27/ 415) فقال: (وقد حصل مقصودهم ومقصوده من السلام عليه والصلاة عليه في مسجده وغير مسجده فلم يبق في إتيان القبر فائدة لهم ولا له بخلاف إتيان مسجد قباء فإنهم كانوا يأتونه كل سبت فيصلون فيه اتباعا له صلى الله عليه وسلم. فإن الصلاة فيه كعمرة. ويجمعون بين هذا وبين الصلاة في مسجده يوم الجمعة إذ كان أحد هذين لا يغني عن الآخر بل يحصل بهذا أجر زائد. وكذلك إذا خرج الرجل إلى البقيع وأهل أحد كما كان يخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لهم كان حسنا لأن هذا مصلحة لا مفسدة فيها وهم لا يدعون لهم في كل صلاة حتى يقال: هذا يغني عن هذا).

وقال في مجموع للفتاوي (27/ 412): فلهذا كان العمل الشائع في الصحابة - الخلفاء الراشدين والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار - أنهم يدخلون مسجده ويصلون عليه في الصلاة ويسلمون عليه كما أمرهم الله ورسوله ويدعون لأنفسهم في الصلاة مما اختاروا من الدعاء المشروع كما في الصحيح من حديث ابن مسعود لما علمه التشهد قال: {ثم ليتخير بعد ذلك من الدعاء أعجبه إليه}. ولم يكونوا يذهبون إلى القبر لا من داخل الحجرة ولا من خارجها ; لا لدعاء ولا صلاة ولا سلام ولا غير ذلك من حقوقه المأمور بها في كل مكان فضلا عن أن يقصدوها لحوائجهم كما يفعله أهل الشرك والبدع فإن هذا لم يكن يعرف في القرون الثلاثة لا عند قبره ولا قبر غيره لا في زمن الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم. فهذه الأمور إذا تصورها ذو الإيمان والعلم عرف دين الإسلام في هذه الأمور. وفرق بين من يعرف التوحيد والسنة والإيمان ومن يجهل ذلك وقد تبين أن الخلفاء الراشدين وجمهور الصحابة كانوا يدخلون المسجد ويصلون فيه على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يسلمون عليه عند الخروج من المدينة وعند القدوم من السفر بل يدخلون المسجد فيصلون فيه ويسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يأتون القبر ومقصود بعضهم التحية وأيضا فقد استحب لكل من دخل المسجد أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: بسم الله والسلام على رسول الله. اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك. وكذلك إذا خرج يقول: بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك. فهذا السلام عند دخول المسجد كلما يدخل يغني عن السلام عليه عند القبر، وهو من خصائصه ولا مفسدة فيه

وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوي (27/ 231): السفر المشروع إلى مسجده وما يفعل فيه من العبادة المشروعة التي تسمى زيارة لقبره)

وقد تأملت ما سبق من كلامه فوجدته يفسر قوله في الرد على الأخنائي

(صـ 200) من كان قصده السفر إلى مسجده وقبره معا فهذا قد قصد مستحبا مشروعا بالإجماع) اهـ

والمستحب الذي قصده هو المسجد فقط أو المسجد وزيارة القبر الشرعية عند ابن تيمية وهي الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام في مسجده وليس الإتيان إلى قبره لأن السلف لم يكونوا يأتونه ومن ثم فقصده غير مستحب كما سبق بيان ذلك عنه.

كما أن كلامه السابق يفسر أيضا قوله عن نفسه (27/ 293): المفتي قد ذكر في الجواب استحباب العلماء لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحك عن أحد أنه قال: زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم محرمة) اهـ

وهو في الحقيقة لم يصرح بحرمة زيارة قبره عليه الصلاة والسلام بدون شد الرحل بل غاية ما صرح به الكراهة لغير المسافر كما سبق حيث قال: بل يكره لهم ذلك عند غير السفر كما ذكر ذلك مالك. هذا ما تبين لي في الجمع بين كلامه

وقصدي بذلك بيان حقيقة رأيه رحمه الله في المسألة حتى لا ينسب إليه ما لم يقله فهو لا يمنع من الزيارة لأهل المدينة بل يستحبها ولكن حسب التفسير الذي أبان عنه في أكثر من موضع كما أنه لا يحرم إتيان القبر بدون شد رحل ولكن يكرهه لغير المسافر.

ما زال عندي إشكال في كلام ابن تيمية رحمه الله ..

فهل من الأخوة من يجلي لنا الأمر ..

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير