ومن اشتبه عليه ذلك او غيره فليدع بما رواه مسلم فى صحيحه عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله اذا قام يصلى من الليل قال اللهم رب جبرائيل وميكائيل واسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون أهدنى لما اختلف فيه من الحق باذنك انك تهدى من تشاء الى صراط مستقيم وفى رواية لأبى داود أنه كان يكبر فى صلاته ثم يقول ذلك مجموع الفتاوى [جزء 5 - صفحة 118]
فاذا افتقر العبد الى الله ودعاه وأدمن النظر فى كلام الله وكلام رسوله وكلام الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين انفتح له طريق الهدى
ثم ان كان قد خبر نهايات اقدام المتفلسفة والمتكلمين فى هذا الباب وعرف ان غالب ما يزعمونه برهانا هو شبهة ورأى ان غالب ما يعتمدونه يؤول الى دعوى لا حقيقة لها أو شبهة مركبة من قياس فاسد أو قضية كلية لا تصح الا جزئية أو دعوى اجماع لا حقيقة له أو التمسك فى المذهب والدليل بالألفاظ المشتركة
ثم ان ذلك اذا ركب بألفاظ كثيرة طويلة غريبة عمن لم يعرف اصطلاحهم أو همت الغر ما يوهمه السراب للعطشان ازداد ايمانا وعلما بما جاء به الكتاب والسنة فان الضد يظهر حسنه الضد وكل من كان بالباطل أعلم كان للحق أشد تعظيما وبقدره اعرف اذا هدى اليه
فأما المتوسطون من المتكلمين فيخاف عليهم ما لا يخاف على من لم يدخل فيه وعلى من قد أنهاه نهايته فان من لم يدخل فيه فهو فى عافية ومن أنهاه فقد عرف الغاية فما بقى يخاف من شىء آخر فاذا ظهر له الحق وهو عطشان اليه قبله وأما المتوسط فيتوهم بما يتلقاه من المقالات المأخوذة تقليدا لمعظمة هؤلاء
وقد قال بعض الناس أكثر ما يفسد الدنيا نصف متكلم ونصف مجموع الفتاوى [جزء 5 - صفحة 119]
متفقه ونصف متطبب ونصف نحوى هذا يفسد الأديان وهذا يفسد البلدان وهذا يفسد الأبدان وهذا يفسد اللسان
ومن علم أن المتكلمين من المتفلسفة وغيرهم فى الغالب فى قول مختلف يؤفك عنه من أفك يعلم الذكى منهم والعاقل أنه ليس هو فيما يقوله على بصيرة وان حجته ليست ببينة وانما هى كما قيل فيها
... حجج تهافت كالزجاج تخالها ... حقا وكل كاسر مكسور ...
ويعلم العليم البصير بهم أنهم من وجه مستحقون ما قاله الشافعى رضى الله عنه حيث قال حكمى فى أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ويطاف بهم فى القبائل والعشائر ويقال هذا جزاء من اعرض عن الكتاب والسنة وأقبل على الكلام
ومن وجه آخر اذا نظرت اليهم بعين القدر والحيرة مستولية عليهم والشيطان مستحوذ عليهم رحمتهم وترفقت بهم اوتوا ذكاء وما اوتوا ذكاءا وأعطوا فهوما وما أعطوا علوما وأعطوا سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شىء اذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون
ومن كان عليما بهذه الأمور تبين له بذلك حذق السلف وعلمهم وخبرتهم حيث حذروا عن الكلام ونهوا عنه وذموا أهله وعابوهم وعلم أن من ابتغى الهدى فى غير الكتاب والسنة لم يزدد من الله الا بعدا فنسأل الله العظيم ان يهدينا صراطه المستقيم صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آمين
والحمد لله رب العالمين وصلاته وسلامه على محمد خاتم النبيين وآله وصحبه أجمعين
مجموع الفتاوى [جزء 6 - صفحة 355]
وقد أطلق غير واحد ممن حكى اجماع السلف منهم الخطابى مذهب السلف أنها تجرى على ظاهرها مع نفى الكيفية والتشبيه عنها
مجموع الفتاوى [جزء 12 - صفحة 574]
وأما ما ذكره من آيات الصفات وأحاديثها فمذهب سلف الأمة من الصحابة والتابعين وسائر الائمة المتبوعين الاقرار والامرار قال ابو سليمان الخطابى وابو بكر الخطيب مذهب السلف فى آيات الصفات وأحاديث الصفات اجراؤها على ظاهرها مع نفى الكيفية والنشبيه عنها وقالا فى ذلك ان الكلام فى الصفات فرع على الكلام فى الذات يحتذى فيه حذوه ويتبع فيه مثاله فاذا كان اثبات ذاته اثبات وجود لا اثبات كيفية فكذلك اثبات صفاته اثبات وجود لا اثبات كيفية فلا نقول ان معنى اليد القدرة ولا ان معنى السمع العلم هذا كلامها
¥