ولكن أبو المعالي وأتباعه ينفونها ثم لهم في التأويل والتفويض قولان فأول قولي أبي المعالي التأويل كما ذكره في الإرشاد وآخرهما التفويض كما ذكره في الرسالة النظامية وذكر إجماع السلف على المنع من التأويل وأنه محرم
الرسالة التدمرية [جزء 1 - صفحة 29]
ولهذا لا يوحد لنفاة بعض الصفات دون بعض - الذين يوجبون فيما نفوه: اما التفويض واما التأويل المخالف المقتضي اللفظ - قانون مستقيم فذا قيل لهم: لم تأولتم هذا وأقررتم هذا وللسؤال فيهما واحد؟ لم يكن لهم جواب صحيح فهذا تناقضهم في النفي وكذا تناقضهم في الإثبات فان من تأول النصوص على معنى من المعاني التي يثبتها فانهم اذا صرفوا النص عن المعنى الذي هو مقتضاه الى معنى آخر: لزمهم في المعنى المصروف اليه ما كان يلزمهم فى المعنى المصروف عنه فاذا قال قائل: تأويل محبته ورضاه وغضبه وسخطه: هو ارادته للثواب والعقاب كان ما يلزمه في الإرادة نظير ما يلزمه في الحب والمقت والرضا والسخط ولو فسر ذلك بمفعولاته وهو ما يخلقه من الثواب والعقاب فانه يلزمه في ذلك ما فر منه فان الفعل لا بد أن يقوم أولا بالفاعل والثواب والعقاب المفعول انما يكون على فعل ما يحبه ويرضاه ويسخطه ويبغضه المثيب المعاقب فهم إن أثبتوا الفعل على مثل الوجه المعقول في الشاهد للعبد مثلوا وان أثبتوه على خلاف ذلك فكذلك الصفات
الرد على من قال الظاهر غير مراد
مجموع الفتاوى [جزء 6 - صفحة 357]
ومن قال ان ظاهر شىء من أسمائه وصفاته غير مراد فقد أخطأ لأنه ما من اسم يسمى الله تعالى به الا والظاهر الذى يستحقه المخلوق غير مراد به فكان قول هذا القائل يقتضى أن يكون جميع أسمائه وصفاته قد أريد بها ما يخالف ظاهرها ولا يخفى ما فى هذا الكلام من الفساد
والمعنى الثانى أن هذه الصفات انما هى صفات الله سبحانه وتعالى كما يليق بجلاله نسبتها الى ذاته المقدسة كنسبة صفات كل شىء الى ذاته فيعلم أن العلم صفة ذاتية للموصوف ولها خصائص وكذلك الوجه ولا يقال انه مستغن عن هذه الصفات لأن هذه الصفات واجبة لذاته و الاله المعبود سبحانه هو المستحق لجميع هذه الصفات
وليس غرضنا الآن الكلام مع نفاة الصفات مطلقا وانما الكلام مع من يثبت بعض الصفات
وكذلك فعله نعلم أن الخلق هو ابداع الكائنات من العدم وان كنا لا نكيف ذلك الفعل ولا يشبه افعالنا اذ نحن لا نفعل الا لحاجة الى الفعل والله غنى حميد
وكذلك الذات تعلم من حيث الجملة وان كانت لا تماثل الذوات المخلوقة ولا يعلم ما هو الا هو ولا يدرك لها كيفية فهذا هو الذى يظهر من اطلاق هذه الصفات وهو الذى يجب أن تحمل عليه
فالمؤمن يعلم أحكام هذه الصفات وآثارها وهو الذى أريد منه فيعلم أن الله على كل شىء قدير وان الله قد أحاط بكل شىء علما وأن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه وان المؤمنين ينظرون الى وجه خالقهم فى الجنة ويتلذذون بذلك لذة ينغمر فى جانبها جميع اللذات ونحو ذلك
كما يعلم أن له ربا وخالقا ومعبودا ولا يعلم كنه شىء من ذلك بل غاية علم الخلق هكذا يعلمون الشىء من بعض الجهات ولا يحيطون بكنهه وعلمهم بنفوسهم من هذا الضرب
قلت له أفيجوز أن يقال ان الظاهر غير مراد بهذا التفسير فقال هذا لا يمكن
فقلت له من قال أن الظاهر غير مراد بمعنى أن صفات المخلوقين غير مرادة قلنا له أصبت فى المعنى لكن أخطأت فى اللفظ وأوهمت البدعة وجعلت للجهمية طريقا الى غرضهم وكان يمكنك أن تقول تمر كما جاءت على ظاهرها مع العلم بأن صفات الله تعالى ليست كصفات المخلوقين وأنه منزه مقدس عن كل ما يلزم منه حدوثه أو نقصه
ومن قال الظاهر غير مراد بالتفسير الثانى وهو مراد الجهمية ومن تبعهم من المعتزلة وبعض الاشعرية وغيرهم فقد أخطأ
مجموع الفتاوى [جزء 33 - صفحة 177]
ومن قال من المتأخرين ان مذهب السلف أن الظاهر غير مراد فيجب لمن أحسن به الظن أن يعرف أن معنى قوله الظاهر الذى يليق بالمخالوق لا بالخالق ولا شك أن هذا غير مراد ومن قال أنه مراد فهو بعد قيام الحجة عليه كافر
فهنا بحثان لفظى ومعنى أما المعنوى فالأقسام ثلاثة فى قوله الرحمن على العرش استوى ونحوه أن يقال إستواء كاستواء
مخلوق أو يفسر باستواء مستلزم حدوثا أو نقصا فهذا الذى يحكى عن الضلال المشبهة والمجسمة وهو باطل قطا بالقرآن وبالعقل
¥