تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإما أن يقال ما ثم استواء حقيقى أصلا ولا على العرش إله ولا فوق السموات رب فهذا مذهب الضالة الجهمية المعطلة وهو باطل قطعا بما علم بالإضطرار من دين الإسلام لمن أمعن النظر فى العلوم النبوية وبما فطر الله عليه خليقته من الإقرار بانه فوق خلقه كاقرارهم بأنه ربهم قال ابن قتيبة ما زالت الأمم عربها وعجمها فى جاهليتها واسلامها معترفة بان الله فى السماء أى على السماء

أو يقال بل استوى سبحانه على العرش على الوجه الذى يليق بجلاله ويناسب كبريائه وأنه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه مع أنه سبحانه هو حامل للعرش ولحملة العرش وان الإستواء معلوم والكيف مجهول والأيمان به واجب والسؤال عنه بدعة كما قلاته أم سلمة وربيعة بن أبى عبد الرحمن ومالك بن أنس فهذا مذهب المسلمين

وهو الظاهر من لفظ استوى عند عامة المسلمين الباقين على الفطر السلمية التى لم تنحرف إلا تعطيل ولا الى تمثيل هذا هو الذى أراده يزيد بن هارون الواسطى المتفق على إمامته وجلالته وفضله وهو من أتباع التابعين حيث قال من زعم أن الرحمن على العرش استوى خلاف ما يقر فى نفوس العامة فهو جهمى فإن الذى أقره الله فى فطر عبادة وجلبهم عليه أن ربهم فوق سمواته كما أنشد عبد الله بن رواحه للنبى فأقره النبى ... شهدت بأن وعد الله حق ... وان النار مثوى الكافرينا ... وأن العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمينا ...

وقال عبد الله بن المبارك الذى أجمعت فرق الأمة على امامته وجلالته حتى قيل إنه أمير المؤمنين فى كل شىء وقيل ما أخرجت خراسان مثل ابن المبارك وقد أخذ عن عامة علماء وقته مثل الثورى ومالك وأبى حنيفة والأوزاعى وطبقتهم قيل له بماذا نعرف ربنا قال بأنه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه وقال محمد بن اسحاق بن خزيمة الملقب إمام الأئمة وهو ممن يعرج أصحاب الشافعى بما ينصره من مذهبه ويكاد يقال ليس فيهم أعلم بذلك منه

من لم يقل إن الله فوق سمواته على عرشه باين من خلقه وجب أن يستتاب فان تاب والا ضربت عنقه والقى على مزبلة لئلا يتأذى بنتن ريحه أهل الملة ولا أهل الذمة وكان ماله فيئا

الفتاوى الكبرى [جزء 6 - صفحة 470]

قلت: وأما حلفه أن الرحمن على العرش استوى على ما يفيده الظاهر ويفهمه الناس من ظاهره فلفظة الظاهر قد صارت مشتركة فإن الظاهر في الفطر السليمة واللسان العربي والدين القيم ولسان السلف غير الظاهر في عرف كثير من المتأخرين فإن أراد الحالف بالظاهر شيئا من المعاني التي هي من خصائص المحدثين أو ما يقتضي نوع نقص بأن يتوهم أن الاستواء مثل استواء الأجسام على الأجسام أو كاستواء الأرواح إن كانت عنده لا تدخل في أمم الأجسام فقد حنث في ذلك وكذب وما أعلم أحدا يقول إلا ما يروي عن مثل داود الجواربي البصري ومقاتل بن سليمان الخرساني وهشام بن الحكم الرافضي ونحوهم أن صح النقل عنهم فإنه يجب القطع بأن الله تعالى ليس كمثله شيء لا في نفسه ولا في صفاته ولا في أفعاله وأن مباينته للمخلوقين وتنزهه عن مشاركتهم أكبر وأعظم مما يعرفه العارفون من خليقته ويصفه الواصفون وأن كل صفة تستلزم حدوثه أو نقصا غير الحدوث فيجب نفيها عنه

ومن حكى عن أحد من أهل السنة أنه قاس صفاته بصفات خلقه فهو إما كاذب أو مخطىء وإن أراد الحالف بالظاهر ما هو الظاهر في فطر المسلمين قبل ظهور الأهواء وتشتت الآراء وهو الظاهر الذي يليق بجلاله سبحانه وتعالى كما أن هذا هو الظاهر في سائر ما يطلق عليه سبحانه من أسمائه وصفاته كالحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والمحبة والغضب والرضى وما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي وينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا إلى غير ذلك فإن ظاهر هذه الألفاظ إذا أطلقت علينا أن تكون أعراضا وأجساما لأن ذواتنا كذلك وليس ظاهرها إذا أطلقت على الله سبحانه وتعالى إلا ما يليق بجلاله ويناسب نفسه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير