تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقال: لقد فهمت من خالد أنه ينكر ثبوت المجاز في اللغة فهل كلكم كذلك أم تثبتونه في اللغة وتنكرونه في القرآن، أم تقولون أنه ليس في القرآن والحديث وموجود في اللغة لأنني لما ناقشت خالدا صار يقفز من دليل لآخر كما يفعل الآن، أريد تحديد موقفكم.

فقال له الأخ توحيد: واستمر مدة على مقولته إن البحث عن أصول المقالات أولى من هذه القضية أي البحث لماذا وجد القول بالمجاز هل وجد لحل مشاكل وجدت في أذهان البعض وما الدعي للقول به، لكن الشيخ الخليلي أصر فأجبته مجملا أنه لايوجد في القرآن مجاز أولا لأن كل مجاز يجوز نفيه والقرآن لا يجوز نفي شيء منه فالنتيجة انه ليس في القرآن مجاز ثم إن اللغة إن قيل بأنها توقيفية (وأظنه قول الخليلي لم يرده) فأنا أطالب بالسند المتصل إلى الله تعالى أنه وضع (الأسد) في الحيوان المفترس أصلا في الرجل الشجاع مجازا، والشيء الثالث أن من اللغة مالا يعرف حقيقته إلا بقرينة كالمشترك ومنه ما يعرف حقيقته إلا لقرينة فلو قلنا، رأيت عينا تنبع (ورأيت عينا يتلصص) علم المراد بالقرنية فكذلك إذا قلت: رأيت أسدا يخطب على النبر كان المراد الرجل الشجاع ولفظه الأسد بقرنيته حقيقة في الرجل الشجاع لا مجازا، وعليه فكل ما تأتيني به من مثال فسأقول لك هو لقرينته حقيقة ..

فقال: أن القيم في الصواعق المرسلة أنكر القول بالمجاز وتناقض تناقضا بينا.

فقلت له أولا: لم يتم الصواعق المرسلة الجزء الخاص بالمجاز وعليه فإن الموجود هو المختصر فإن كان ثمة تناقض فإما ان يكون من المختصر أو يكون في رأس القارئ ولا يلزم أن يكون من كلام ابن القيم.

وقال له توحيد: ابن القيم يفرق بين جواز الاستعمال وجواز الاستدلال، استعمل ما شئت ولكن لا تستدل به على باطل.

فقال: اسمحوا لي أن أتكلم دون مقاطعتي.

ثم قال: لقد قال ابن القيم إن الكلمات المفردة لا تدل على شيء بمجردها فقولنا فوق وتحت وأرض وسماء و .. و .... لا تدل على شيء والسامع يفهم منها شيء بمجردها بدون قرينة فهي كقولنا طقرق (طاق غان)

فقال توحيد: وهل هناك مجنون يمشي يقول فوق .. فوق .. فوق. إن من يقول هذا مجردا عن القرائن يظن به شيء.

فقال الخليلي: اسمحوا لي دون مقاطعة لحسن الاستماع.

فقال له توحيد: غاية ما في الأمر أنك لم تفهم كلام ابن القيم وكان ينبغي عليك بدلاً من أن تخطئ على إمام كابن القيم أن تذهب لمن يوضح لك كلامه، هات الكتاب ونحن نقرأه سويا وأوضح لك كلامه.

فقال: إن أهل اللغة قد نقلوا المفردات لا التراكيب فدل على معناها في نفسها (وما أدري هل غاب عنه أ أهل اللغة نقلوا المفردات في تراكيب لا مقطوعة فيقولون كذا تأتي بمعنى كذا في نحو كذا وكذا، و تأتي بمعنى كذا في نحو قولك كيت وكيت .. أي نقلوها بتراكيبها المهم قلت له: فماذا نقل أهل اللغة في أرض.

قال: الأرض هي الكرة الأرضية حقيقية وفيما سواها مجاز.

فقلت له: فأي أرض هي من السبع التي قال الله فيها (ومن الأرض مثلهن).

فقال: يحتمل أن تكون قارات أخرى أو كواكب أخرى أو غير ذلك فنحن لا نقول أن الأرض على رأس ثور.

فقلت له: أين هذا (رأس ثور!!) إنما أقول لك إن قلت هي كواكب أخرى قلنا لك أيها حقيقة وأيها مجاز؟ إن قلت هذه حقيقة دون غيرها خالفت القرآن، وإن قلت يطلق على الباقي (أرض) حقيقية خالفت نفسك، فانفصل عن هذا وكذلك ألزمك في السماوات ما ألزمتك في الأرض، ثم تكلمنا في النور وغير ذلك إلى أن قلت له حتى قول الشاعر (إذا ما المنية أنشبت أظفارها) لماذا لا تجعل احتمالا بأن القائل يعتقد أن المنية وحسن له أظفار ينشبها.

فقال السيابي: عقول العرب كانت أجل من هذا.

فقلت له: فلم كانوا يعبدون الللات والعزى ومناة إذا كانت عقولهم أجل من أن تعتقد خرافة وكان مما قلت له أيضا أن الشافعي رحمه الله أول من صنف في الأصول ولن يقل إن الألفاظ تنقسم لحقيقة ومجاز وأنه مرت قرون ثلاثة لا يدري هذا التقسيم وحتى أبو عبيدة لم يعن بكلامه في (مجاز القرآن) المجاز بالمعنى الاصطلاحي، ثم ألزمته وقتها وفي المرة التي قبلها بفساد القول بالمجاز عندما تكلمنا عن الصلاة وأن الصلاة لغة الدعاء ثم يزعمون أنها نقلت إلى الصلاة المعروفة ثم اشتهرت فكانت حقيقية شرعية فقلت أول نقلها تقولون مجاز ويكفي في رده حكايته.

وأورد أثناء كلامه قوله تعالى (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) فقال فقد أثبت ونفى فأحد هما مجاز والآخر حقيقة.

فقلت له: معنى الآية وما أصبت إذ حذفت ولكن الله أصاب أعينهم وهو ظاهر.

وقال توحيد: التأكد بالجملة الاسمية (ولكن الله رمى) ثم تقول هو مجاز.

وقلت له: إننا لا نقع في مثل هذه الإشكالات لأننا نراها حقيقة في الأمرين.

المهم هذا مجمل ما كان بيننا وقد طلبت منه طلبا أخيرا أن يفسح المجال لطلاب الجامعة بأم القرى أن يتناقشوا معي لأنهم لا يفعلون فقال لهم وأنا واقف لا لا تناقشوه وقال لي لا يناقشونك فهم على حق والحمد لله.

فقلت له: لعلنا نلتقي فيما بعد فلم تفتح قضية (خلق القرآن) التي تقولون بها.

فقال: عندي كتاب لم ينشر بعد أعطني عنوانك لأرسله لك بالبريد، فأعطيته العنوان وانصرفنا.

هذا موجز ما حدث والله الهادي لسواء السبيل، ولعل الله ييسر فأجمع من كتبهم ما خالفوا فيه عقيدة السلف الصالح وأثبت الرد عليهم موافقا السلف الصالح، وأرجو من أخواني أن يلتمسوا عذري إن رأوه زلة أو خطأ فلقد كانت المقابلات الثلاثة لا سيما الأوليين من غير موعد مسبق بل وفجأة، ومجال المناظرة ليس كمجال التأليف العلمي، ممن وجد شيئا فليعمل بواجب النصيحة فيه وفقنا الله لهداه وجعل عملنا في رضاه.

كتبه المهندس: خالد فوزي

مكة المكرمة في 22/ 7/1408 هـ"

ا. هـ

ملاحظة: من له اتصال بالشيخ خالد فوزي فليتأكد من نسبة هذا الكلام إليه مأجوراً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير