تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقوله: ? إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَواتِ والأَرْضِ واخْتِلافِ الَليْلِ والنَّهَارِ والْفُلْكِ الَتِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ ومَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوتِهَا وبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ والسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَومٍ يَعْقِلُونَ ? [البقرة: 164] هذا في توحيد الربوبية، ذكره الله دليلاً وبرهانًا على توحيد الألوهية؛ ولذا أخبر أن في ذلك آيات، أي دلالات وبراهين على استحقاق الله للعبادة دون غيره.

ففي هذه الآية أقسام التوحيد الثلاثة، وهكذا تجدها متجاورة في القرآن الكريم.

الحكمة من تقرير القرآن لتوحيد الربوبية

والقرآن إنما يذكر توحيد الربوبية –مع أن الكفار مقرون به – من أجل أن يبين دلالته ويقيمه برهانًا على توحيد الألوهية، فيحتج عليهم بما أقروا به من باب الإلزام لهم:

كيف تقرون لله بالربوبية، ولا تقرون له بالألوهية والعبودية؟!

كيف تصرفون العبادة لمن لا يشارك الله في شيء من مخلوقاته؟! هذا من التناقض.

? قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَواتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَو أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ? [الأحقاف: 4]، ? هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ? [لقمان: 11]، ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً ولَو اجْتَمَعُوا لَهُ وإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ والْمَطْلُوبُ ? [الحج: 73] لو سلط الله عليهم الذباب ما استطاعوا أن ينتصروا لأنفسهم منه، والذباب أضعف شيء، فلو سلط الله الذباب والبعوض على الناس ما استطاعوا أن يتخلصوا منه، يقتلون منه ما يقتلون ثم يكثر عليهم ويغمرهم.

وقيل: المعنى لو أن الذباب أخذ شيئًا مما على الصنم من الطيب والزينات التي يجعلونها عليه، فإن الصنم لا يستطيع أن يسترد ما أخذه الذباب منه.

? ضَعُفَ الطَّالِبُ والْمَطْلُوبُ ?: ? ضَعُفَ الطَّالِبُ ?: هو المشرك، ? والْمَطْلُوبُ ?: هو الصنم، وقيل الذباب.

إذا كان كذلك فكيف تُجعل هذه شركاء الله الخالق الرازق المحي المميت القوي العزيز الذي لا يعجزه شيء، سبحانه وتعالى؟! أين العقول؟! وأين الأفهام؟! نسأل الله العافية.

- التوحيد في آية الكرسي:

آية الكرسي: ? اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو الحَيُّ القَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ ولاَ نَومٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَواتِ ومَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ومَا خَلْفَهُمْ ولاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَواتِ والأَرْضَ ولاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وهُو العَلِيُّ العَظِيمُ ?: [البقرة: 255]

هذه أعظم آية في كتاب الله عز وجل، تشتمل على ربوبية الله وعبادته وعلى أسماء الله وصفاته، جمع الله فيها بين النفي والإثبات: نفي النقائص والعيوب عنه، وإثبات الكمال له سبحانه وتعالى.

وفي أولها توحيد الألوهية: ? اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو ? أي: لا معبود بحق إلا هو. ثم ذكر توحيد الربوبية بقوله: ? الحَيُّ القَيُّومُ ? وهذا فيه إثبات الحياة والقيومية لله.

وقوله: ? لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ ولاَ نَومٌ ?: هذا نفي، نفى الله عن نفسه النقص والعيب، من صفات النقص المنفية (النوم والسِّنة).

قوله: ? لَّهُ مَا فِي السَّمَواتِ ومَا فِي الأَرْضِ ?: هذا إثبات لربوبيته، فهو مالك السماوات والأرض ومن فيهن.

وقوله: ? مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ?: هذا نفي، نفى أن يشفع أحد عنده إلا بإذنه؛ وذلك لكمال عظمته سبحانه وتعالى. وأن أحدًا لا يجرؤ أن يشفع عنده إلا بعد إذنه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير