تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[نقد ابن تيمية لاراء الفلاسفة والمتكلمين ف]

ـ[لطف الله خوجه]ــــــــ[20 - 02 - 08, 05:18 م]ـ

نقد ابن تيمية لاراء الفلاسفة والمتكلمين في بدء الخلق والبحث في صحة مانسبه الى السلف

لطف الله عبد العظيم خوجه

مجلة جامعة أم القرى

لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها

المجلد (19) العدد (43)

ذو الحجة 1428هـ

ديسمبر (كانون1) 2007م

http://www.uqu.edu.sa/magazin.php


جامعة أم القرى، كلية الدعوة، قسم العقيدة

ابن تيمية
و
قدم العالم

أعده:
لطف الله بن عبد العظيم خوجه
أستاذ مساعد بقسم العقيدة بجامعة أم القرى

1425هـ

بسم الله الرحمن الرحيم
- تمهيد:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول رب العالمين، وبعد:
نشأت قضية قدم العالم، في أذهان الفلاسفة، من محاولتهم تفسير علاقة الله تعالى بالعالم؛ فافترضوا أن العالم وجد مع الله تعالى، من غير تأخر، فحكموا بقدم العالم .. !!.
ولما سئلوا عن الفرق حينئذ بين الله تعالى والعالم، أجابوا: أن الله تعالى قديم بالرتبة والذات، متساوٍ مع العالم في الزمان.
وقد بنوا كلامهم على أن العلة التامة تستلزم معلولها، فلا تتأخر عنه، فالله تعالى عندهم: علة تامة، موجبة، فلا بد من وجود معلولها معها، وإلا انتفى كونه كذلك، وذلك نقص في حقه، فعلاقة العالم بالله تعالى كعلاقة ضوء الشمس بالشمس، يوجد معها موازيا في الزمان.
فمحصل كلام الفلاسفة ما يلي:
1 - العالم قديم قدم الإله تعالى، من غير فرق في الزمان، ولكن في الرتبة والذات.
2 - العالم صدر عن الله تعالى، لم يخلقه، بل كصدور الضوء عن مصدره.
3 - العالم مقارن للخالق تعالى.
ولما كان صريح هذا المذهب نفي صفة الخلق عن الله تعالى، تصدى المتكلمون له، وظنوا أنه لا يمكن إثبات الخالقية إلا بنفي قدم شيء مع الله تعالى بإطلاق، واعتبروا هذا لازما لهذا، فكان من مذهبهم:
- أن الله تعالى ابتدء خلق العالم من نقطة زمن معينة، ما قبلها لم يكن يخلق، ولا يفعل، ولا يتكلم .. إلخ، وأوجبوا منعه من ذلك، حتى يستقيم إثبات الخالقية.
جاء ابن تيمية بعد الفريقين، فنقدهما جميعا، كل من جهة غير جهة الأخرى:
- فرفض قول الفلاسفة في دعواهم: اقتران العالم بالله تعالى بالزمان، وصدوره عنه.
- ورفض قول المتكلمين في دعواهم: أنه تعالى كان معطلا من الفعل زمنا وجوبا، ثم صار فاعلا، فانقلب بعد العجز قادرا، من غير تجدد سبب أصلا.
واختار رأيا رجح أنه وسط بين الفريقين، وكان فحواه:
أن الله تعالى لم يكن معطلا من الخلق، أو الفعل، والكلام زمنا، بل يفعل ما يشاء، متى شاء، من غير تحديد بنقطة زمن معينة، هي البداية، وقرر أن هذا هو مقتضى القدرة الإلهية الكاملة، وأنه ما من زمن يقع فرضا لبداية الخلق، إلا وصح وقوعه قبله، إذ لا مرجح يحدد البداية في نقطة معينة، ومن ثم فلا مانع من بدء الخلق معه، لكن بشرط التراخي في الزمان، ويكون هذا الخلق متعلقا بالنوع لا بالأفراد، واستحسن هذا الرأي، وذهب لأجله إلى أن الحوادث لا أولها، فأجرى التسلسل في المفعولات الإلهية في الأزل (= الماضي)، كما أجراه في الأبد (= المستقبل)، ونسب هذا القول إلى السلف، وفسروا نصوصهم على هذا المعنى، وقرر أن المتكلمين خرجوا عن طريقة السلف ونصوص الوحي في تقريرهم، فضلا عن الفلاسفة، الذين كفرهم العلماء، كالغزالي، بسبب مقالتهم بقدم العالم.
ولما كان هذه مذهبه: أساء الظن به طائفة من الناس، بعضهم خصومه، وحكموا أنه على مذهب الفلاسفة، وكاد أن يلحقه التكفير لأجل ذلك.
لكن لمن أراد الإنصاف، فإن التأمل والفحص في رأيه ينتج حقيقة هي: أنه مذهبه متميز على الفلاسفة، في عدة أمور، توجز فيما يلي:
1 - ابن تيمية يقرر بأن الله تعالى خالق العالم، بينما مذهب الفلاسفة أنه صادر عن الله تعالى.
2 - يقرر بأن العالم وجد بعد الله تعالى في الزمان، بينما الفلاسفة يقولون: وجد معه.
3 - يقول أن الله تعالى متقدم على العالم بالرتبة والزمان، أما هؤلاء فيقولون: متقدم بالرتبة.
وهذه الفروق جوهرية، وأصلية، ومنها نستنتج أنه ليس من العلم ولا الحقيقة في شيء: التشبيه بينهما. وأن يلحق به الحكم الذي لحق بالفلاسفة من تضليل وتكفير.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير