شرح نفيس لابن حبان لأثر أبي هريرة رضي الله عنه: أُرْسِلَ ملك الموت إلى موسى .....
ـ[الباحث]ــــــــ[16 - 02 - 08, 04:05 م]ـ
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أرسل ملك الموت إلى موسى فلما جاءه صكه! فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لايريد الموت! فرد الله عز وجل عليه عينه وقال: إرجع فقل له يضع يده على متن ثور، فله بكل ما غطت به يده بكل شعرة سنة، قال: أي رب ثم ماذا؟ قال: ثم الموت. قال: فالأن. فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر، قال قال رسول الله (ص) فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر.
أخرجه الشيخان وأحمد وغيرها موقوفاً ومرفوعاً، وهو في حكم المرفوع.
وصححه الشيخ أحمد شاكر والشيخ الألباني رحمهما الله.
قال الحافظ ابن حبان رحمه الله:
( ..... وهذا الخبر من الأخبار يدرك معناه من لم يُحرم التوفيق لإصابة الحق، وذلك: أن الله جل وعلا أرسل ملك الموت إلى موسى رسالة ابتلاء واختبار، وأمره أن يقول له: أجب ربك، أمر اختبار وابتلاء، لا أمراً يريد الله جل وعلا إمضاءه، كما أمر خليله - صلى الله على نبينا وعليه - بذبح ابنه، وتلَّه للجبين -: فداه بالذبح العظيم. وقد بعث الله جل وعلا الملائكة إلى رسله في صورٍ لا يعرفونها، كدخول الملائكة على إبراهيم ولم يعرفهم، حتى أوجس منهم خيفة، وكمجيء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسؤاله إياه عن الإيمان والإسلام، فلم يعرفه المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى ولَّى، فكان مجيء ملك الموت إلى موسى على غير الصورة التي يعرفه موسى عليه السلام عليها - وكان موسى غيوراً - فرأى في داره رجلاً لم يعرفه، فشال يده فلطمه، فأتت لطمته على فَقْئِ عينه التي في الصورة التي يتصور بها، لا الصورة التي خلقه الله عليها، ولما كان المصرَّح عن نبينا صلى الله عليه وسلم في خبر ابن عباس حيث قال: ((أمَّني جبريل عند البيت مرتين)) فذكر الخبر، وقال في آخره: ((هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك)) -: كان في هذا الخبر البيان الواضح أن شرعنا قد يتفق بعضَ شرائع من قبلنا من الأمم، ولما كان من شريعتنا أن من فقأ عين الداخل داره بغير إذنه أو الناظر في بيته بغير أمره من غير جناح على فاعله، ولا حرج على مرتكبه، للأخبار الجمة الواردة فيه، التي أمليناها في غير موضع من كتبنا -: كان جائزاً إتفاق هذه الشرعية شريعة موسى، بإسقاط الحرج عمن فقأ عين الداخل داره بغير إذنه، فكان استعمال موسى هذا الفعل مباحاً له، ولا حرج عليه في فعله، فلما رجع ملك الموت إلى ربه، وأخبره بما كان من موسى فيه، أمره ثانياً بأمرٍ آخر، أمر اختبار وابتلاء - كما ذكرنا قبلُ - إذ قال الله له: إن شئتَ فضع يدك على مَتْنِ ثور فلك بكل ما غَطَّتْ يدك بكل شعرةٍ سنة، فلما علم موسى - كليم الله، صلى الله على نبينا وعليه أنه ملك الموت، وأنه جاءه بالرسالة من عند الله، طابت نفسه بالموت ولم يستمهل، وقال: فالآن، فلو كانت المرة الأولى عرفه موسى أنه ملك الموت، لاستعمل ما استعمل في المرة الأخرى، عند تيقنه وعلمه به، ضد قول من زعم أن أصحاب الحديث حمَّالة الحطب ورعاة الليل يجمعون ما لا ينتفعون به، ويروون ما لا يُؤجرون عليه! ويقولون بما يبطله الإسلام!! جهلاً منه بمعاني الأخبار، وترك التفقه في الآثار، معتمداً في ذلك على رأيه المنكوس، وقياسه المعكوس).
ـ[الداعية إلى الخير]ــــــــ[17 - 02 - 08, 11:58 ص]ـ
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أرسل ملك الموت إلى موسى فلما جاءه صكه! فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لايريد الموت! فرد الله عز وجل عليه عينه وقال: إرجع فقل له يضع يده على متن ثور، فله بكل ما غطت به يده بكل شعرة سنة، قال: أي رب ثم ماذا؟ قال: ثم الموت. قال: فالأن. فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر، قال قال رسول الله (ص) فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر.
أخرجه الشيخان وأحمد وغيرها موقوفاً ومرفوعاً، وهو في حكم المرفوع.
وصححه الشيخ أحمد شاكر والشيخ الألباني رحمهما الله.
قال الحافظ ابن حبان رحمه الله:
( ..... ، فكان مجيء ملك الموت إلى موسى على غير الصورة التي يعرفه موسى عليه السلام عليها - وكان موسى غيوراً - فرأى في داره رجلاً لم يعرفه، فشال يده فلطمه، فأتت لطمته على فَقْئِ عينه التي في الصورة التي يتصور بها، لا الصورة التي خلقه الله عليها،).
هذا من التأويل المخالف لظاهر الحديث:
فليس في الحديث ما يدل على أن موسى لطم الملك غيرة؛ إنما لطمه لما عرف عنه صلى الله عليه و سلم من الحدة، و أيضا لما في مقتضى الفطرة من كراهية الموت.
و لهذا لم يشر الملك عندما رجع إلى الله بهذا العذر، إنما أخبر بالحقيقة وهي أن موسى إنما لطمه لكراهيته للموت.
و قد أقر الله الملك على ذلك الكلام و لذا أمره الله بالرجوع و تخيير موسى.
بل و أصلا ليس في الحديث ما يدل على أن الملك جاء بصورة بشرية لم يعرفها موسى، بل ظاهره يدل على أنه جاء موسى فعرفه بأنه ملك الموت.
و يا ليت من يجمع لنا طرق الحديث حتى نستفيد أكثر. و الله أعلم