[بيان أنواع التوحيد الثلاثة من القرآن]
ـ[بن عفان]ــــــــ[07 - 03 - 08, 10:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله
----
[بيان أنواع التوحيد الثلاثة من القرآن]
أقسام التوحيد الثلاثة مستقرأة من القرآن الكريم. والآيات التي تؤخذ منها أنواع التوحيد الثلاثة كثيرة، منها:
سورة الفاتحة – وهي أول سورة في المصحف – فيها أنواع التوحيد الثلاثة: فقوله: ? الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? فيه توحيد الربوبية؛ لأن الآية أثبتت ربوبية الله لجميع العالمين- وهم كل ما سوى الله – والرب هو المالك المدبر.
وقوله: ? الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مَالِكِ يَومِ الدِّينِ ? فيه توحيد الأسماء والصفات؛ لإثبات وصف الله في الآيتين بالرحمة والملك، وإثبات أسمائه: الرحمن، الرحيم، المالك، وقوله: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ? فيه توحيد الألوهية؛ لدلالة الآية على وجوب إفراد الله تعالى بالعبادة والاستعانة.
كذلك سورة الناس –وهي آخر سورة في المصحف- فيها أنواع التوحيد الثلاثة:
فقوله: ? قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ? هذا توحيد الربوبية. ? مَلِكِ النَّاسِ ? هذا توحيد الأسماء والصفات. ? إِلَهِ النَّاسِ ? هذا توحيد الألوهية.
كذلك أول نداء في المصحف هو في نوعي التوحيد، وذلك في قوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ والَّذِينَ مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً والسَّمَاءَ بِنَاءً وأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ? [البقرة: 21 - 22].
لما ذكر سبحانه وتعالى أقسام الناس الثلاثة (المؤمنين والكافرين والمنافقين) وجه عباده نحو الاهتداء بهداية القرآن، فعقب ذلك بقوله: ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ? وهو نداء عام لكافة الخلق لأمرهم جميعًا بإفراد الله بالعبادة وعدم إشراك أي أحد معه. وهذا هو توحيد الألوهية.
ثم جاء بتوحيد الربوبية دليلاً عليه، فقال: ? الَّذِي خَلَقَكُمْ والَّذِينَ مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً والسَّمَاءَ بِنَاءً وأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ ?
أليست هذه أفعال الله جل وعلا؟ هذا توحيد الربوبية، ذكره سبحانه وتعالى دليلاً على توحيد الألوهية وبرهانًا عليه. فكما أنه يفعل هذه الأشياء وحده فإنه لا يستحق العبادة أحد غيره؛ بل هي حق خالص له سبحانه.
ذكر في هذه الآية نوعي التوحيد: توحيد الألوهية؛ لأنه المقصود الأعظم، وذكر توحيد الربوبية دليلاً على الألوهية ومستلزمًا له، وأمر بذلك جميع الناس كما قال في آية أخرى: ? ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ? [الذاريات: 56] فأخبر أن هذين العالمين العظيمين (عالم الجن وعالم الإنس) لم يخلقا إلا للقيام بعبادة الله وإفراده بها وتوحيده في ألوهيته.
ثم نهى عن الشرك في آخرها فقال: ? فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ?: ? أَندَاداً ?: أي: شركاء تصرفون لهم شيئًا من العبادة ? وأَنتُمْ تَعْلَمُون ? أنه لا شريك له في ربوبيته يشاركه في هذه الأمور: خلق السموات والأرض وإنزال المطر وإنبات النبات. أنتم تعلمون أنه لا أحد يشارك الله في هذه الأمور، فكيف تشركون معه غيره في العبادة؟!
وقال سبحانه وتعالى: ? وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ? [البقرة: 163] هذا في توحيد الألوهية، والإله معناه: المعبود، والألوهية: العبادة والحب.
ومعنى الآية: ومعبودكم بحق معبود واحد، ? لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُو ?، أي: لا معبود بحق سواه.
وقوله: ? الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ? هذا داخل في توحيد الأسماء والصفات؛ إذ فيه إثبات اسمين لله، وإثبات صفة الرحمة.
¥