تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[اشكال انتظر الجواب عنه؟ وهل يجوز ان يشتق الاسم من الفعل؟]

ـ[أبوسلمى]ــــــــ[19 - 03 - 08, 01:38 م]ـ

قال ابن رجب الحنبلي (رحمه الله) (واشتق سبحانه لنفسه أسماء من الفعل دون العمل قال تعالى (ان الله فعال لما بريدد)). (فتح الباري ج1ص25).فهل من اسماء الله (جل وعلا) (فعال لما يريد).وهل يجوز ان يشتق الاسم من الفعل؟

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[19 - 03 - 08, 07:34 م]ـ

ابن رجب يقصد الاشتقاق من المصدر (فِعْل) الذي هو من مادة (ف ع ل) بخلاف المصدر (عَمَل) الذي هو من مادة (ع م ل)، فلا يقال عن الله: عامل، أو عمال، ولكن يقال: فاعل وفعَّال.

والجواب عن إشكال اشتقاق أسماء الله عز وجل هنا:

· (مسألة - هل الأصل المعنوي أسبق أو الأصل المادي؟)

اختلف علماؤنا في اشتقاق الأصول المعنوية والمادية، ويسمون ذلك الجواهر والمصادر أو نحو ذلك، والأقرب للنظر العقلي أن الأصل المادي أسبق؛ لأن الوجود الخارجي أسبق من الوجود الذهني كما هو معروف.

قال د. صبحي الصالح: [86] «إلا أننا نرجح دائما أن الحسي أسبق في الوجود من المعنوي المجرد وهذا ما يجعلنا ننتصر للرأي القائل بأن أصل المشتقات هي الأسماء لا الأفعال ولا سيما أسماء الأعيان»

ولكن ظاهر كلام ابن دريد عكس ذلك فقد بنى كتابه كله على اشتقاق أسماء الأعلام من أصول معنوية، بل في أسماء الأجناس كذلك فقد قال: [87] «يقال: تنَّمر فلانٌ لفلانٍ، إذا أظهرَ تهدُّدًا؛ وأصلُه من شراسة الخُلق، وبه سمِّي النَّمِر السَّبُع المعروف»

وعكَسَ في اشتقاق المنافق فقال: [88] «والنَّفَق: السَّرَب في الأرض. ونافِقاء اليربوع من هذا، وهو سَرَبه الذي يدْخُل فيه. والمنافق من هذا اشتقاقه، لأنّه يدخل في الكفر وهو يظهر غيره»

وقال أيضا: [89] «وكلُّ شيء ضيَّقتَ عليه فقد أسرتَه. ومنه إسار القَتَب والمِحْمَل، وهو أن يُشَدَّ بالقِدّ. ومنه اشتقاق الأسير»

فجعل الإسار – وهو مادي – مشتقا من الأسْر – وهو معنوي، ثم جعل الأسير – وهو معنوي – مشتقا من الإسار – وهو مادي.

والخليل بن أحمد أيضا يدل كلامه على سبق الجواهر للمصادر كما قال: [90]

«الوعث من الرمل: ما غابت فيه القوائم، ومنه اشتق وعثاء السفر، يعني: المشقة»

وقال: [91] «يقال: تهزع فلان لفلان، واشتقاقه من هزيع الليل، وتلك ساعة وحشة»

ولكنه عكس في بعض المواضع كما قال: [92] «والخروف ..... واشتقاقه أنه يخرف من هنا وهنا وبه سمي الخريف، لأنه يخرف فيه كل شئ أي يؤخذ ويجتني في حينه»

وقال [93] «والسليقة: مخرج النسع في دف البعير، واشتقاقه من: سلقت الشئ بالماء الحار»

وقال [94] «والأكتل: من أسماء الشديدة من شدائد الدهر، اشتق من الكتال، وهو سوء العيش وضيقه»

فالذي يظهر – والله أعلم – أنهم يذهبون مذهب الأكثرين في الاشتقاق وهو أن المقصود رد أحد اللفظين إلى الآخر في المعنى لا على أن أحدهما سابق على الآخر في الزمان.

ويدل على ذلك أيضا ما قاله الحليمي: «فأصل قوله: أنا الرحمن وهي الرحم، شققت لها اسما من اسمي: أن (الرحمن) و (الرحم) اسمان مشتقان من الرحمة»

وقال ابن القيم أيضا: [95] «لا نعني بالاشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى لا أنها متولدة منها تولد الفرع من أصله ......... فالاشتقاق هنا ليس هو اشتقاق مادي وإنما هو اشتقاق تلازم سمي المتضمن بالكسر مشتقا والمتضمن بالفتح مشتقا منه ولا محذور في اشتقاق أسماء الله تعالى بهذا المعنى»

ومما يؤيد ذلك أن في الحديث القدسي المشهور «قال الله: أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي»، ومع ذلك تجد أهل العلم أحيانا يقولون: الرحمن مشتق من الرحمة!

وقال الزمخشري: «معنى الاشتقاق أن ينتظم الصيغتين فصاعدا معنًى واحدٌ».

وبهذا تفهم أن الزمخشري لا يقصد السبق في مثل قوله: [96]

«واشتقاق الإقلال من القلة لأن الرافع المطيق يرى الذي يرفعه قليلاً»

ومثل قوله: [97] «واشتقاق البرج من التبرج لظهوره»

لِمَا بين القولين من التناقض، فمقصوده انتظام المعنى الواحد لهما، كما هو صريح كلامه السابق.

وبهذا الجمع ينحل لك كثير من الإشكالات التي تجدها في كلام أهل العلم بأن كذا مشتق من كذا، فلا يلزم من ذلك أنهم يعنون سبق أحد اللفظين على الآخر، بل المراد أنه ينتظمهما معنى واحد كما أشار الزمخشري.

ولذلك تجد أهل العلم أحيانا يشيرون إلى أن اللفظ الحسي مشتق من المعنى العقلي، وأحيانا يشيرون إلى أن المعنى العقلي مشتق من اللفظ الحسي، ويشعر القارئ بدأة ذي بَدِيءٍ أن هذا من التناقض والتعارض.

- كما ذكروا مثلا أن اشتقاق آدم من أديم الأرض، مع أنهم ذكروا أن النار مشتقة من نار ينور إذا تحرك واضطرب.

- وكما ذكروا أن المراء مشتق من مري الناقة، مع أنهم ذكروا أن المشاجرة مشتقة من الشجرة لاشتجار أغصانها.

- وكما ذكروا أن البعوض مشتق من البَعْض وهو القطع، مع أنهم قالوا: قردوس (قبيلة) مشتق من القردسة وهي الصلابة!

فهذه الأقوال ظاهرها التعارض، ولكن يَجمَعُ بينها ما سبق ذكرُه، وهو أن المراد بالاشتقاق أن كلا اللفظين يرجع إلى أصل ومعنى ينتظمهما معا فيندرجان في سلك واحد.

وأما ابن جني فقد نصر القولَ بالسبق في الزمان؛ كما هو واضح من كلامه في الخصائص، ومن ذلك قوله: [98] «ألا ترى أن الاشتقاق تجد له أصولاً، ثم تجد لها فروعًا، ثم تجد لتلك الفروع فروعًا صاعدة عنها، نحو قولك: نبت؛ فهو الأصل؛ لأنه جوهر، ثم يشتق منه فرع هو النبات، وهو حدث، ثم يشتق من النبات الفعل، فتقول: نبت؛ فهذا أصل، وفرع، وفرع فرع»

وقال أيضا: [99] «فإذا رأيت بعض الأسماء مشتقًا من الفعل فكيف يجوزُ أن يعتقَد سبقُ الاسم للفعل في الزمان، وقد رأيت الاسم مشتقًا منه، ورتبةُ المشتق منه أن يكون أسبقَ من المشتق نفسه»

والبحث كاملا هنا:

http://www.islammessage.com/articles.aspx?cid=1&acid=142&aid=1566

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير