فإن من جودك الدنيا وضرتها ****** ومن علومك علم اللوح والقلمِ
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ****** فضلاً وإلاّ فقد زليت بالقدمِ
يامن له الخلق ثم الأمر يا صمدٌ ***** لولاك لم تخرج الدنيا من العدمِ
يا واحداً ليس لي رب سواه ولا ****** ندٌ له يدعى كالجنِّ والصنمِ
يامن ألوذ به عمّا أحاذره ***** يا من أنادِ اسمه في السلمِ والنِّقمِ
يامن أمدّ له في كلّ معضلةٍ ******* يد الضراعة في الإصباح والظُلَمِ
يا من يجير ولا يرضى بمظلمةٍ ***** ويكشف الظلم عمّن بات بالألمِ
يا كاشف الكرب يا نصراً لناصره ** يا مسبغ الفضل من عفوٍ ومن نعمِ
سألتك الله قصراً لا نظير له ****** في جنة الخلد أعلى عاليَ القممِ
الجار أحمد والأصحاب رفقته ****** يا ربِّ يا مولاي يا واسع الكرمِ
ربّ ابني لي عندكم داراً أكون بها *****ونجّني من ديار الظلمِّ والسّقمِ
ونجّني من ديار الشركِ أجمعها ***** ونجّني من ذوي الإشراكِ كلِّهمِ
قوم يلوذون بالأوثان مخبتةً ***** لها الوجوه من عُربٍ ومن عجمِ
ويعكفون على ذاك الضريح وهم ***** ما بين محتضنٍ أيضاً ومستلمِ
وهم ينادون يا جيلان أدركنا **** يا عيدروس أغث واحمِ من النقمِ!
وقرّبوا عندها القربان منسفكاً **** لها الدماءُ من الأبقارِ والغنمِ
ويزعمون لها التدبير واعتقدوا ... في القطبِ والغوثِ والأوتادِ والنُّجُمِ
قلت: هذه القصيدة لا ترقى إلى جزالة قصيدة البردة، وحسن سبكها. على ما في البردة من (شركيات) وانحرافات. فلا تنبغي المقارنة بينهما أدبيا ولغويا وأسلوبيا.
أما المجال العقدي فهذا نوافق عليه أخانا الناظم، ولكن التعرض لمعارضة القصيدة يتطلب أكثر من ذلك.
ولذلك تلبية لطلب بعض الإخوان، رأيت أن ألم بها إلمامة عجلى أبين بعض الأخطاء اللغوية والعروضية التي وقع فيها صاحب القصيدة جزاه الله خيرا على غيرته السلفية.
زليت: الصحيح: زللت، والتركيب بعض إصلاح الكلمة: (زللت بالقدم) يبقى ضعيف الصياغة.
صمدٌ: تنوين المنادى النكرة المقصودة شاذ، وما روي من ذلك نحو قول الشاعر:
سلام الله يا مطرٌ عليها .......... وليس عليك يا مطر السلام
فلا يقاس عليه.
يدعى: لم تضبط هذه الكلمة مع حاجتها إلى الضبط، وبخاصة لغير الملمين بأوزان الشعر، فهي تحتمل ضبطيْن: (يُدْعَى) و (يُدَّعى)؛ أما الأول فلا يستقيم مع الوزن، وإن صح به المعنى، وأما الثاني فيناسب الوزن وإن قلت ملاءمته للمعنى.
أناد: خطأ إملائي أو مطبعي يتحمله الكاتب لا الناظم، والصواب: (أنادي).
الله: لفظ الجلالة في قوله (سألتك الله) فيه إشكال، فإذا قدر أنه منادى، فالأصل فيه أن لا يحذف حرف النداء قبله إلا إذا عوض عنه بميم في آخره كما في (اللهم). وأما تكلفُ تقدير آخر غير ذلك ففيه عنت كبير.
عاليَ: ما وجه النصب في هذه الكلمة؟ أليست مضافا إليه، والمضاف هو (أعلى)؟ علما أن ارتكاب الضرورة الشعرية لا ييح اللحن.
وإن قدَّرنا (عالي) هنا حالا من (قصرا) رغم اضطراب المعنى، يبقى أفعل التفضيل (أعلى) ناقصا (فلا هو محلى بـ"أل" أو مضاف).
يا ربِّ يا مولاي يا واسع الكرمِ: في هذا العجز كسر واضح، يحتاج إلى جبر.
ابني: فيه خطأ طباعي أو إملائي يتحمله الكاتب؛ لماذا هذه الياء الملحقة في آخر فعل الأمر؟؟ مع أن الخطاب لله تعالى. وقد ذكرتْني هذه الياء باللوحات المنتشرة الملصقة على واجهات الجسور وأسوار المباني التربوية مكتوبا فيها: (اللهم صلي على محمد!!)، وتكون مرة بالألف المقصورة (صلى) أي أنها فعل ماض، ومرة بالياء (صلي) أي أنها فعل أمر لخطاب الأنثى!!.
لها الوجوه من عُربٍ ومن عجمِ: عجُز مكسور يحتاج إلى جبر خاطره!!.
وهم ينادون يا جيلان أدركْنا: صدر مكسور، يحتاج إلى تقويم اعوجاجه.
يا عيدروس أغث واحمِ من النقمِ!: ليس أكثر حظا من سابقيْه.
أما الملحوظات المتعلقة بالصياغة والأسلوب فلم أتعرض لها اكتفاء بما سبق، وأرجو أن لا يجد الأخَوان الناظم والكاتب في نفسيهما شيئا؛ لأنني ما قصدت إلا النصح وإبراء الذمة، والجواب عن الالتماس التالي:
ولعل أحد اخواننا الافاضل يفيدنا فى هذا الامر وبارك الله فيك
وتقبلوا تحيتي وتقديري.
ـ[ابو البراء]ــــــــ[14 - 04 - 08, 02:35 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
في اتصال عبر الماسنجر مع الشيخ بدر العتيبي، تذاكرنا أمر البردة، وما علّق به الأخ الشنقيطي، فحملني أن أكتب هذه الأسطر وهي بلسانه:
" شكر الله للشيخ أبي حامد الشنقيطي موافقته لمضمون الأبيات، كما شكر الله له نقده، وهو صائب كله، وأنا أجزم بأن الأبيات تحتاج إلى نظر كثير من غير وجه، وقد اعتذرت مقدما بقولي: (وسوف أعيد النظر فيها لاحقاً، وأهذبها، وأزيدعليها أبياتاً ينتفع بها المسلمون)
وقد كان أول كتابتها على عجل في إحدى المواقع أثناء مناظرات مع بعض الصوفية، فجادت بها القريحة من غير تفحص لأبياتها، وعلى العموم: القصيدة تحتاج إلى نظر وإعادة تحرير وزيادة، ومن حرص الإخوان على الخير نشروها من أول نزولها، والله ولي التوفيق "
و جزاكم الله خيرا
¥