تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذه الفتوى لها أهمية بالغة في هذه المسألة , وذلك: أنه سئل فيها ابن تيمية عمن يقاتل مع الكفار (التتار) ضد المسلمين هل هو آثم أم لا , فحكم عليه بكونه آثما , ولو كانت عنده من الكفر الأكبر لبين ذلك ووضحه للسائل , فإطلاق لفظ التحريم لا يحقق الحكم بالتكفير لو كان يرى أنها كفر , لأن الكفر أخص من مطلق التحريم.

وسئل أيضا عن حكم إطلاق النفاق على المعين ممن قاتل معهم , فحكم بعدم حل ذلك.

فهذه الفتوى إذن مهمة جدا في مسألة الموالاة العملية , والسبب في ذلك هو أنها بحث في نفس صورة المسألة التي هي محل البحث , وهي من والى الكفار ضد المسلمين بماله أو بنفسه فما حكمه , بل هي في أصرح صورها وهي القتال مع الكفار , فابن تيمية يتكلم عن هذه المسألة بعينها فكلامه مباشر فيها ومتجه إليها أصالة , فكلامه هنا ليس عاما في مطلق الموالاة , وليس مأخوذا بالقياس بل بالنص الصريح.

فكلامه إذن في صورة محددة من صور الموالاة للكفار , وليس في حكم مطلق الموالاة لهم , فيكون هذا الكلام له الأولوية في تصوير قوله في الموالاة العملية , دون غيره من كلامه الآخر المتوجه إلى مطلق الموالاة.

وسئل أيضا في موطن آخر عن حال التتار , وعن حكم من قاتل معهم , وهذا نص السؤال , وهو نص طويل جاء فيه:" مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْفُقَهَاءُ ...... فِي هَؤُلَاءِ التَّتَارِ الَّذِينَ يَقْدَمُونَ إلَى الشَّامِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ , وَتَكَلَّمُوا بِالشَّهَادَتَيْنِ , وَانْتَسَبُوا إلَى الْإِسْلَامِ , وَلَمْ يَبْقَوْا عَلَى الْكُفْرِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ, فَهَلْ يَجِبُ قِتَالُهُمْ أَمْ لَا؟ وَمَا الْحُجَّةُ عَلَى قِتَالِهِمْ؟ وَمَا مَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ؟ وَمَا حُكْمُ مَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِمَّنْ يَفِرُّ إلَيْهِمْ مِنْ عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ: الْأُمَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ؟ وَمَا حُكْمُ مِنْ قَدْ أَخْرَجُوهُ مَعَهُمْ مُكْرَهًا؟ وَمَا حُكْمُ مَنْ يَكُونُ مَعَ عَسْكَرِهِمْ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَالْفَقْرِ وَالتَّصَوُّفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ وَمَا يُقَالُ فِيمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ وَالْمُقَاتِلُونَ لَهُمْ مُسْلِمُونَ وَكِلَاهُمَا ظَالِمٌ , فَلَا يُقَاتَلُ مَعَ أَحَدِهِمَا.

وَفِي قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ كَمَا تُقَاتَلُ الْبُغَاةُ الْمُتَأَوِّلُونَ؟ وَمَا الْوَاجِبُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَأَهْلِ الْقِتَالِ وَأَهْلِ الْأَمْوَالِ فِي أَمْرِهِمْ؟ ........ " ([4]).

وأجاب بكلام طويل جاء فيه " .......... وَأَمَّا الْأَصْلُ الْآخَرُ وَهُوَ مَعْرِفَةُ أَحْوَالِهِمْ - يعني التتار -. فَقَدْ عَلِمَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ جَازُوا عَلَى الشَّامِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى: عَامَ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ وَأَعْطَوْا النَّاسَ الْأَمَانَ وَقَرَءُوهُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِدِمَشْقَ وَمَعَ هَذَا فَقَدْ سَبَوْا مِنْ ذَرَارِيِّ الْمُسْلِمِينَ مَا يُقَالُ إنَّهُ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَفَعَلُوا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَبِجَبَلِ الصالحية ونابلس وَحِمْصَ وَدَارِيَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُمْ سَبَوْا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَرِيبًا مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَجَعَلُوا يَفْجُرُونَ بِخِيَارِ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا كَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَالْأُمَوِيِّ وَغَيْرِهِ وَجَعَلُوا الْجَامِعَ الَّذِي بالعقيبة دَكًّا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير