تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و قد كان الرسول عليه الصلاة و السلام يترك العمل خوفا من أن يفرض على أصحابه لكنه كان يأمرهم به فأنظر الفرق أما ترك الخلفاء لبعض السنن فتعليما للناس لا كراهة مع أنه كلام لا يستدل به لأن فعل الخلفاء الراشدي داخل في السنة بعكس غيرهم.

لو اخدنا بمبدأ الاحتياط كما أخد مالك لمنعنا صلاة الضحى خوفا من أن يظن الناس فرضها و لمنعنا صيام عاشوراء خوفا من أن يظن الناس فرضها و .....

و كل هذا و لا شك مما لا أصل له و ما أظن أن أحدا يقول بقول مالك إلا مقلد فلا نمنع الا ما منعه الله ورسوله صلى الله عليه و سلم و هذا هو الأصل و الله أعلم

أيها الفاضل:

أحمد الله إليك أن وهبك الحرص على السنن، وما أنت بأولى من غيرك بالحرص عليها يرحمك الله

فقط ـ وقد أكون مخطئا فإن كنت فاعذرني ـ أراك حملت الكلام على غير محمله ووجهته وجهة غير التي هو عليها، فالأخ المازري حفظه الله ـ وأشهد أنه رجل رشيد ولا أزكي على الله أحداـ إنما طرح الموضوع تأسيسا على فقه المآلات، وأنت رأيت فيها جرأة حملتك على ما هو أجرأ منها، ولو استعملت غير كلماتك تلك في حق الإمام مالك رحمه الله لكان أولى ـ ولست ألزمك ـ لكن انظر معي في محمل دعواك، وقياسك ما ليس يقاس هنا، فأنت لم تر الأخذ بالاحتياط فيما ذهب إليه مالك ورايت أن ذلك يضيع سننا أخرى، فهل قال مالك بعدم الصوم كلية، أم أنه أفتى بغير علم وهو من هو ـ ودعني من عبارات المقلدة وغيرها مما لا ينفع ومما لا تقوم به حجةـ أم أن له اعتبارا آخر ـ علمته أو جهلته ـ فالاحتياط الذي تأباه له ما يوجبه بحكم النظر إلى ما يؤول إليه التطبيق، واعتبار المآل مقصود شرعا، والمسألة ليست من وقائع الأعيان حتى تنكرها كل هذا النكير، بل هي من باب مراعاة الحال الذي هو أحد مقومات النظر في المآلات، أقصد حال الصائم، ألا ترى أن مالكا رحمه الله علل قوله وبان مقصوده منه، قال يحيى: وسمعت مالكا يقول في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان: إني لم أر أحدا من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، وأن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء لو رأوا في ذلك خفته عند أهل العلم ورأوهم يعملون ذلك"

فهو رحمه الله لم يلزم الناس عموما بالكراهة، وإنما بين ما يوجب ذلك، وقد قال الشاطبي رحمه الله: " لا ينبغي لمن التزم عبادة من العبادبات البدنية الندبية أن يواظب عليها مواظبة يفهم الجاهل منها الوجوب إذا كان منظورا إليه مرموقا، أو مظنة لذلك، بل الذي ينبغي له أن يدعها في بعض الأوقات حتى يعلم أنها غير واجبة". الموافقات، 4/ 118 بتحقيق مشهور.

فهذا القول من مالك رحمه الله ـ وأنا أناقش ولست أقرر ـ ربما هو من باب ما اسماه استاذنا الحبيب الدكتور زيد بوشعراء في رسالته: " عوامل تغير الأحكام في التشريع الإسلامي، تغير المآل وتغير القصد" بتحقيق المناط للنفس، فإذا كان غير ذلك فالعبادة على أصلها من الندب، وإنما يتغير مآلها من الندب إلى الكراهة باعتبار حال المكلف، فجعل المندوب كالواجب والمواظبة عليه كالمواظبة على الواجب نحو من تبديل الشريعة، وإليك ما قاله ابن تيمية رحمه الله وهو من هذا الباب كذلك ـ ولك أن ترد عليه ـ قال رحمه الله في صلاة ركعتين بين الأذانين يوم الجمعة:: " فقد يكون تركها أفضل إذا كان الجهال يظنون أن هذه سنة راتبة أو أنها واجبة فتترك حتى يعرف الناس أنها ليست سنة راتبة. ولا واجبة. لا سيما إذا داوم الناس عليها فينبغي تركها أحيانا حتى لا تشبه الفرض كما استحب أكثر العلماء ألا يداوم على قراءة السجدة يوم الجمعة مع أنه قد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها فإذا كان يكره المداومة على ذلك فترك المداومة على ما لم يسنه النبي صلى الله عليه وسلم أولى. وإن صلاها الرجل بين الأذانين أحيانا؛ لأنها تطوع مطلق أو صلاة بين الأذانين كما يصلي قبل العصر والعشاء لا لأنها سنة راتبة فهذا جائز. وإن كان الرجل مع قوم يصلونها فإن كان مطاعا إذا تركها - وبين لهم السنة - لم ينكروا عليه بل عرفوا السنة فتركها حسن وإن لم يكن مطاعا ورأى أن في صلاتها تأليفا لقلوبهم إلى ما هو أنفع أو دفعا للخصام والشر لعدم التمكن من بيان الحق لهم وقبولهم له ونحو ذلك فهذا أيضا حسن. فالعمل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير