تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلتُ: جعْلُ "مختصر ابنِ الحاجب" مُختصَراً لـ "تهذيب البراذعيّ" محلُّ نظَرٍ فيما أَرَى.

وبيان ذلك: أنَّ ابنَ الحاجب سَمَّى مختصرَه هذا باسم "جامع الأُمهات"، وهذه التَّسْميةُ لا تُناسِب كونَ الكتاب تلخيصاً لكتابٍ واحدٍ فقط، وهو "تهذيب البراذعيّ"؛ لأنّ كلمة (الأُمهات) جمعٌ، فتُفيد هي والكلمةُ التي قبلها (جامع) أنَّ مؤلِّفه قصَد به جَمْعَ أُمّهات المذهبِ - ولو بعضها على أقلّ تقديرِ - في كتاب واحدٍ.

يدلُّ على ذلك دلالةً قويّةً:

ما قاله ابنُ الحاجب نفسُه، وهو يتحدّث عن مختصره هذا - كما نقَلَه عنه الشَّاطبيُّ -: «لَمّا كنتُ مُشْتغِلاً بوضع كتابي هذا كُنتُ أَجْمَعُ الأُمّهات، ثم أجْمَعُ ما اشتملتْ عليه تلك الأُمّهاتُ في كلام مُوجَزٍ، ثم أَضَعُه في هذا الكتاب حتى كَمَلَ» ([17] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn17)).

وأهلُ مكة أدرى بشِعابها!.

وقال ابنُ خلدون لدى حديثِه عن سِلْسلة مُؤلَّفاتِ المالكيّة: « ... إلى أن جاء كتابُ أبي عمرو بنِ الحاجب، لَخّص فيه طُرُقَ أهلِ المذهب في كل باب، وتعديد أقوالِهم في كل مسألةٍ، فجاء كالبرنامِج للمذهب» ([18] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn18)).

وجاء في "أزهار الرِّياض": «إنّ ابنَ الحاجب ألَّفَ كتابَه الفقهيَّ مِنْ ستّين ديواناًً» ([19] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn19)).

وقال عَظُّوم مُتحدِّثاً عن قصْد ابنِ الحاجب من تسمية كتابه باسم "جامع الأُمّهات": «ويَقصد بهذه التّسميةِ أنَّ الأُمّهات الفقهيّةَ مثل: المدوّنة، ومختصراتها، وغيرِ ذلك من الكُتب المؤلَّفةِ في الفقه المالكيّ - قد جمَعَها في مختصره» ([20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn20)).

وقال أستاذُنا حمزة أبو فارس تحت عنوان: ما هي الأُمّهاتُ التي جمَعَها ابنُ الحاجب في كتابه هذا؟: «يُقصَد بالأُمّهات في المدرسة المالكيّة: تلك الأُصولُ الفقهيّةُ، مثل: المدوّنة، .... والموَّازيّة ... » ([21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn21)).

وقال محقّق "شفاء الغليل" لابن غازي: «وقد أخْطَأَ مَن اعتَبَر جامعَ الأُمّهات مختصراً لتهذيب البَرَاذعيّ لاختصار ابنِ أبي زيد القيْروانيّ للمدوّنة.

ويَرُدُّ هذا الزَّعْمَ عُنوانُه [يعني: جامع الأُمّهات] فضلاً عن مُحتواه؛ فهو جمعٌ وترتيبٌ باختصارٍ للمسائل المنثُورةِ في بُطون أُمّهات كُتبِ المذهبِ» ([22] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn22)).

فتبَيَّن بهذا ضعفُ قولِ مَن يرَى أنَّ مختصر ابنِ الحاجب تلخيصٌ لتهذيب البراذعيّ، علاوةً على أنّي لم أجد أحداً من علماء المالكيّة ذكَر ذلك؛ ما عدا الْحَجْوِيّ.

لكن نَصَّ كثيرٌ من علمائنا على أنَّ ابنَ الْحاجب تبِع فِي "مُختصره" ابنَ شاسٍ فِي كتابه

"عقد الْجواهر الثمينة" ([23] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn23))([24] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn24))، وإن كان ابنُ الحاجب نفَى ذلك قائلاً: «بل إنَّ ابنَ شاسٍ اختَصَر كتابي»! ([25] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn25)).

قال أبو عبد الله بنُ قطرال الْمَرَّاكُشِيّ: «والإنصاف أنه [أي: ابنَ الحاجب] لا يَخرُج عنه [أي عن ابن شاس] وعن ابنِ بَشِيرٍ إلا في الشيء اليسير، فهُما أصْلاه ومُعتمَداه. ولا شك أنَّ له زياداتٍ وتصرُّفاتٍ تُنبئُ عن رُسوخ قَدمِه، وبُعْدِ مَدَاه» ([26] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn26)).

قلتُ: ولعلَّ التعبير بكون ابنِ الحاجب في "مختصره" تابِعاً لابن شاس، وسائراً على طريقته في التقسيم، ومُقْتدِياً به في ترتيب المسائل الفقهيّة - أَدَقُّ من التعبير بكون كتابِه (اختصاراً) لكتاب ابنِ شاس. وفي كلام ابنِ قطرال السابقِ إشارةٌ إلى هذا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير