تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كثيراً ما تجد في كُتُب المالكيَّة ذكْرَ ابنِ نافعٍ، وهو معدودٌ في المدنيِّين منهم، وله اختياراتٌ واجتهاداتٌ انفَرَد بها داخل المذهب. فَمَنْ هو ابنُ نافعٍ هذا عندما يُذكر مطلقاً عند المالكيَّة؟.

ذكَر حمدي شلبي أنه: عبد الله بن سعيد بن نافع! من شيوخ القاضي عبد الوهاب ([37] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn37)).

وهذا بعيدٌ جداًّ.

وترجمَتْهُ مريم الظَّفيريّ بأنه: عبد الله بن نافع بن ثابت بنِ عبد الله بن الزُّبَير بنِ العوَّام، المعروف بالأصغر (المتوفَّى 216هـ) ([38] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn38)).

قلتُ: مع كون ابن نافعٍ - الذي ترجمتْ له الأستاذةُ المذكورةُ - مِنْ تلامذة الإمام مالكٍ المدَنِيِّين؛ إلا أنَّه ليس هو المقصود عند إطلاق لفظ (ابن نافع) عند المالكيّة، بل المرادُ به: أبو محمدٍ عبدُ الله بنُ نافع القُرشيُّ المخزُوميُّ؛ مَوْلاَهُم.

روَى عن الإمام مالكٍ وبه تفقَّه، وجلَس مجلسَه بعد ابنِ كِنانة، وكان يُعرف بـ (الصَّائِغ).

سمع منه كبارُ تلاميذِ أصحاب مالكٍ، ولُقِّبَ هو وأشهبُ بـ (القَرِينان)؛ لأنّ سماع كلٍّ منهما في "العُتبيّة" مقرونٌ بسماع صاحبه، وسببُ ذلك أنَّ ابنَ نافعٍ كان لا يكتُب ما يسمعُه من مالكٍ؛ لِضَعف بَصَرِه، أو لكونه أُمّيّاً، فكان أشهبُ يَكتُب له ([39] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn39)). تُوفي الصائغُ في المدينة سنة 206هـ ([40] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn40)).

وممّا يدلُّ على أنَّ الصائغَ هو المقصودُ عند إطلاق (ابن نافع): ما حكاه القاضي عياضٌ، حيث قال: «ولقد بعث لسحنون في محمد بنِ رزين، وقد بلَغه أنه يَروِي عن عبد الله بنِ نافع، فقال له: أنت سَمعتَ ابنَ نافعٍ؟ فقال: أصْلَحَكَ اللهُ! إنَّما هو الزُّبيْريُّ، وليس بالصَّائغ. فقال له: ولِمَ دلَّستَ؟ ... » ([41] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn41)).

فقد تبادَر إلى فهْمِ سحنون من دعوى محمد بنِ رزين الرِّوايةَ عن عبد الله بنِ نافع؛ أنه يقصد ابنَ نافع الصَّائغ، فلمّا أخبره أنه ابنُ نافع الزُّبَيْريُّ اتّهَمَه بالتّدليس. فهذا دليلٌ على أنَّ المراد به عند الإطلاق: ابنُ نافع الصائغُ.

قلت: ومِن الطَّريف اشتراكُ هذين الرَّجُليْنِ - ابن نافع الصَّائِغ، وابن نافع الزُّبَيْريّ - في أُمورٍ، وهي:

- اسمُ كلٍّ منهما: عبد الله.

- اسمُ أبِ كلٍّ منهما نافعٌ.

- كلاهما قُرشيٌّ، ومعدودٌ في المدَنِيِّين من المالكيّة.

- كلاهما من تلاميذ الإمامِ مالكٍ.

- كلاهما صحِب الإمامَ مالكاً أربعين سنةً على ما ذكره بعضُ العلماء ([42] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn42))، ونفَى القاضي عياضٌ هذا بالنسبة لابن نافع الزُّبَيْريّ ([43] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn43)).

وهذا التَّشابُهُ الشديدُ بينهما أوقع كثيراً من العلماء - بلْهَ مَنْ دُونهم - في الوهَم والخلْط بينهما، وقد نبَّه على ذلك القاضي عياضٌ، فقال: « ... وكثيراً ما تَختلط رواياتُهُم ([44] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn44)) عند الفُقهاء، حتى لا عِلْم عند أكثرهم بأنَّهما رجُلان، وربما جاءت روايةُ أحدهِما مُخالِفةً لِرواية الآخَر، فيقولون: في ذلك اختلافٌ من رواية ابن نافعٍ عن مالكٍ، وقد وهِم فيهما عظيمٌ من شُيوخ الأندلُسيِّين بعد أن فرَّق بينهما ... » ([45] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1132070#_ftn45)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير