تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال ابن عجيبة في تفسيره البحر المديد [14]: "عند قوله تعالى " قّل للمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ ... " مِنْ للتبعيض والمراد غض البصر عما يحْرُم، والاقتصار على ما يَحِلُّ، ووجه المرأة وكفاها ليسا بعورة إلا خوف فتنة، فيحِلُّ للرجل الصالح أن يرى وجه الأجنبية من غير شهوة, وفي الموطَّأ هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم أو مع غلامها؟ قال: مالك لا بأس بذلك، وقال عياض ليس بواجبٍ أن تستر المرأة وجهها، وإنما ذلك استحباب أو سنة لها، وعلى الرجل غض بصره ثم قال في الإكمال: ولا خلاف أن فرض ستر الوجه مما اختص به أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال أيضا عند قوله:" وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ... " إلا ما جرت العادة بإظهارها وهو الوجه والكفان إلا لخوف الفتنة وزاد أبو حنيفة والقدمين ففي ستر هذا حرج، فإن المرأة لا تجد بداً من مزاولة الأشياء بيدها، ومن الحاجة إلى كشف وجهها، خصوصاً في الشهادة والمحاكمة والنكاح، وتضطر إلى المشي في الطرقات وظهور قدميها، ولا سيما الفقيرات منهن قاله النسفي ".

فصل

الحجاب في السنة

والذي يبين المراد من الآيات السابقة وأقوال المفسرين التي توضح حد العورة ومعنى الحجاب الشرعي في حق المرأة هي الأحاديث النبوية التي تكشف المقصود من الآيات.

ومن المعلوم أن السنة جاءت مفسرةً للقرآن كاشفة للحكم، فهي المصدر الثاني من مصادر التشريع.

إذ روى الطبراني في الكبير والأوسط من حديث أسماء بنت عُميس أنها قالت:" دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عائشة وعندها أختها أسماء وعليها ثياب شاميَّة واسعة الأكمّة، فلما نظر إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام فخرج، فقالت لها عائشة تنحي فقد رأى منك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمراً فكرهه فتنحت، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسألته عائشة لم قام؟ فقال ألم ترِ إلى هنَّاتِها، إنه ليس للمرأة المسلمة أن يبدو منها إلا هكذا .. وأخذ كُمَّه فغطى بها كفيه حتى لم يبدو من كفيه إلا أصابعه ثم نصب كفيه على صدغيه حتى لا يبدو إلا وجهه.

قال الحافظ الهيتمي فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح.

وجاء عند أبي داود في سننه في كتاب اللباس باب ما تبدي المرأة من زينتها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرَى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه، وكذلك حديث الخثعمية الذي أخرجه البخاري [15] ومسلم [16] ومالك [17] وأبو داود والنسائي والدارقطني وأحمد من طريق ابن عباس قال:" جاءت امرأة خثعمية غداة العيد فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقولها يا رسول الله إن فريضة الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على راحلة أفأحج عنه قال حجي عنه قال ابن عباس وكانت شابة وضيئة فجعل الفضل ينظر إليها فأعجبه حسنها فلويَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنق الفضل " وعند الترمذي من حديث علي [18]:" قال العباس يا رسول الله لم لويت عنق ابن عمك فقال: "رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما ".

قال ابن عباس: وكان ذلك بعد آية الحجاب.

قال الحافظ ابن حجر في شرحه ما نصه [19]:" قال ابن بطال في الحديث الأمر بغض البصر خشية الفتنة ومقتضاه إذا أمنت الفتنة لا يمتنع وقال: ويؤيده انه صلى الله عليه وآله وسلم لم يُحَوِّل وجه الفضل حتى أدمن النظر إليها بإعجابه بها فخشي الفتنة عليه قال: وفيه مغالبة طباع البشر لابن آدم وضعفه عمَّا رُكِّبَ فيه من الميل إلى النساء والإعجاب بهن وفيه دليل على أن نساء المؤمنين ليس عليهن من الحجاب ما يلزم أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ لو لزم ذلك جميع النساء لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الخثعمية بالاستتار ولما صرف وجه الفضل .. " ا. هـ وقال ابن حزم:" فلو كان الوجه عورة يلزم ستره لما أقرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على كشفه بحضرة الناس، ولأمرها أن تسبل عليه من فوق ولو كان وجهها مغطى ما عرف ابن عباس أحسناء هي أم شوهاء فصَحَّ كل ما قلناه يقينا. والحمد لله كثيرا " أ. هـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير