تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ما جاء في الصحيح [28] أن جابر بن عبد الله: شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم العيد، فبدأت الصلاة قبل الخطبة، .... إلى أن قال ثم مضى حتى أتى النساءَ فوعظهن وذكَّرهن فقال: (تصدقن فإن أكثركن حَطَبُ جهنم) فقامت امرأة من سطة النساء [29] سعفاء الخدين فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكم تكثرن الشكاة [30] و تكفرن العشير [31] , قال: فجعلن يتصدقن من حُلِيِّهن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن و خواتمهن".

السعفاء: هو سواد مشرب بحمرة, فمن أين لجابر رضي الله عنه أن يعرف أنها سعفاء الخدين إذا كان وجهها مغطى بالنقاب.

و منها ما رواه مسلم في صحيحه أن سبيعة بنت الحارث كانت تَحتَ سعد بن خولة و هو ممن شهد بدرا, و قد توفي عنها في حجة الوداع, و هي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته, فلما تعللت [32] , تجملت للخطاب, فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك وقال لها: مالي أراك متجملة؟ لعلك تريدين النكاح! إنك و الله ما أنت بناكحة, حتى تمر عليك أربعة أشهر, قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت عليَّ ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسألته عن ذلك, فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي, وأمرني بالتزويج إن بدا لي.

فدل هذا الحديث على أن سبيعة ظهرت متجملة أمام أبي السنابل، وهو ليس بمَحْرَمٍ لها، بل هو ممن تقدم لخطبتها بعد، ولولا أنها كاشفة الوجه ما عرف إن كانت متجملة أم لا.

وعن عمار بن ياسر رضي الله عنهما [33]: أن رجلاً مرت به امرأة فأحدق بصره إليها، فمر بجدار فمرس وجهه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووجهه يسيل دما فقال يا رسول الله إني فعلت كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد الله بعبد خيرا عجل عقوبة ذنبه في الدنيا وإذا أراد به غير ذلك أمهل عليه ذنوبه، حتى يُوَفَّى بها يوم القيامة كأنه عَيْر [34] "

فصل

الحجاب عند أئمة الفقه

من المعلوم بداهة أنَّ العورة حكم فقهي لا يؤخذ من كتب التفسير والحديث وإنما بالرجوع إلى أقوال أئمة الفقه، لأن الفقه هو محصلة هذه الأحاديث والأخبار وعصارة الاستنباطات وأجمع فقهاء الأمة وأئمة الإسلام على أن ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة فمن أظهر عورته عامداً عارفاً بالحكم غير ناسٍ في صلاته فصلاته باطلة وهذا ما قاله الأئمة في عورة المرأة.

قال السادة الشافعية [35]:" وعورة المرأة الحرة كلُّ بدنها إلا الوجهَ والكفين ظهراً وبطناً إلى الكوعين لقوله تعالى:" ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " وهو مُفَسَّر بالوجه والكفين إنما لم يكونا عورة لأن الحاجة تدعو إلى إبرازهما "

قال الإمام النووي في روضة الطالبين ما نصه [36]: "وأما المرأة فإن كانت حرة فجميع بدنها عورة إلا الوجه والكفين ظهرهما وبطنهما إلى الكوعين" ا. هـ والكوع هو طرف الزند الذي يلي الإبهام.

ونقل شمس الدين الرملي [37] عن ابن عباس وعائشة قال في قوله تعالى:" ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " الوجه والكفّان أ. هـ

قال السادة المالكية [38]: ويجوز النظر إلى الوجه والكفين ولا فرق بين ظاهرهما وباطنهما بغير قصد لذة ولا وجدانها وإلا حَرُم "

وقال السادة الأحناف [39]: وبدن المرأة كله عورة إلا وجهها وكفيها باطنهما وظاهرهما على الأصح كما في شرح المنيه، وفي الهداية وهذا تنصيص على أن القدم عورة ويُرْوَى أنها ليست بعورة وهو الأصح "

قال السادة الحنابلة [40]:" كل الحرة عورة إلا وجهها ".

قال الشيخ منصور البُهوتي الحنبلي [41]:" وتُكره صلاتها في نقاب وبرقع لأنه يخل بمباشرة المصلي بالجبهة والأنف، ويغطي الفم [42] لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطيَ الرجل فاه ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير